كما يظهر بمراجعة أمثلتها العرفية.
التنبيه الثاني
هل في هذا الحديث شيء يخالف القواعد؟
قال شيخنا العلامة الأنصاري (رضوان الله عليه) بعد نقل قضية سمرة : «وفي هذه القصة إشكال من حيث حكم النبي صلىاللهعليهوآله بقلع العذق مع ان القواعد لا تقتضيه ونفى الضرر لا يوجب ذلك ـ ثمَّ قال ـ لكن لا يخل بالاستدلال» انتهى كلامه.
وحاصل الاشكال عدم انطباق بعض ما ذكر في الرواية على هذه القاعدة ولا على سائر القواعد المعمولة ، لأن أقصى ما يستفاد من قاعدة نفى الضرر هو لزوم استيذان سمرة من الأنصاري لما في تركه من الضرر عليه ، واما قلع نخلته ورميها اليه عند إبائه عن الاستيذان فلا ، مع ان ظاهر الرواية ان هذا الحكم معلل بالقاعدة المذكورة.
أقول ـ ويمكن الذب عنه بان الظاهر ان حكمه صلىاللهعليهوآله بذلك كان من باب حسم مادة الظلم والفساد وإحقاق الحق ؛ لأن النخلة لو بقيت ـ والحال هذه ـ كان الأنصاري دائما في عذاب وشدة ، بل لعلها صارت منشأ لمفاسد أخر ؛ فلم يكن هناك طريق لدفع شر «سمرة» وقطع ظلمه عن الأنصاري ، الواجب على ولى أمر المسلمين ؛ الا بقلع نخلته ورميها اليه وعليه يستقيم تعليل هذا الحكم بنفي الضرر لان ضرر دخول سمرة على الأنصاري بلا اذن منه إذا كان منفيا في الشريعة وانحصر طريق دفعه في قلع النخلة صح تعليل الحكم بقلعه بأنه لا ضرر ولا ضرار ، فهو من قبيل التعليل بالعلة السابقة ، فالتعليل في محله والاشكال مدفوع.
وغير خفي ان هذا الحكم لا يختص بالنبي صلىاللهعليهوآله بل لحكام الشرع أيضا ذلك إذا لم يجدوا بدا منه في قطع يد الظالم وحفظ حق المظلوم. فما افاده المحقق النائيني في المقام من ان القلع لعله كان من باب قطع الفساد لكونه صلىاللهعليهوآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، في غير محله.