وذكر هذا المحقق طريقا آخر في دفع هذا الاشكال حاصله : ان الضرر وان كان ينشأ من دخول سمرة على الأنصاري بلا استيذان منه ولكن كان منشأ جواز دخوله هو استحقاقه لكون النخلة باقية في البستان ، فالضرر وان نشأ عن الدخول الا انه كان معلولا لاستحقاق إبقاء النخلة ، فرفع هذا الحكم انما كان برفع منشأ وهو استحقاق الإبقاء كارتفاع وجوب المقدمة برفع ذيها ، فالقاعدة رافعة لاستحقاق بقاء النخلة ولازمه جواز قلعه فيصح ح تعليل الحكم المزبور بالقاعدة «انتهى ملخصا»
وأنت خبير بما فيه ، فإنه مخالف للوجدان ولظاهر الرواية معا ، لظهورها في ان سمرة لو كان يرضى بالاستيذان من الأنصاري لم يكن عليه بأس ولم يجز قلع نخلته ولكنه لما ابى وأصر على الإضرار بالأنصاري حكم بذلك في حقه ، مع ان ما ذكره قدس ـ سره لو تمَّ لاقتضى جواز قلع النخلة في هذا الحال أيضا ؛ لما ذكره من ان استحقاقه لإبقائها كان موجبا لجواز الدخول على الأنصاري بغير اذن منه وهذا الجواز بنفسه حكم ضرري وان لم يعمل بمقتضاه ولم يدخل على الأنصاري بغير اذن منه ، هذا أولا واما ثانيا ـ ان بقاء العذق في البستان كان له آثار شرعية مختلفة ، منها جواز الدخول بلا استيذان فاذا كان خصوص هذا الأثر ضرريا فاللازم نفى ترتبه لا نفى ذات المؤثر بجميع آثاره ، والسر في هذا ان الحكم باستحقاق إبقاء النخلة كما انه من الأحكام الشرعية أمره بيد الشارع رفعا ووضعا ؛ فكذلك ماله من الاثار المختلفة المترتبة عليه شرعا ؛ والجزء الأخير من العلة التامة للضرر هو ترتب بعض آثاره عليه فاللازم رفع ذلك الأثر خاصة لا ذات الموضوع بجميع آثاره ، فاللازم ان يحكم بجواز إبقاء النخلة وترتب جميع آثاره عليه ما عدا الدخول عليه بغير اذنه.
واما قياسه على باب المقدمة فهو كما ترى ، للفرق الواضح بين المقامين فان الترتب هناك تكويني ليس أمرها بيد الشارع ، بما انه شارع ، فليس له رفع وجوب المقدمة إلا برفع وجوب ذيها ، بخلاف المقام فكأنه قدسسره خلط بين الترتب الشرعي والتكويني فتدبر جيدا.