وفي الرواية جهات من البحث :
الاولى ـ يظهر من سياق عبارة الإمام عليهالسلام إجمالا ارتضائه بما نذر جده عبد المطلب عليهالسلام من ذبح ولده عبد الله فإنه لو كان ذلك امرا منكرا كان من البعيد ذكره مع السكوت عليه ، مع انا نعلم بان هذا النذر غير ماض قطعا ، لا في هذه الشريعة ولا في الشرائع السابقة ، لإنكار العقل له ، مضافا الى ورود التصريح به عنهم عليهمالسلام فقد روى الشيخ (قده) عن عبد الرحمن بن ابى عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل حلف ان ينحر ولده؟ قال ذلك من خطوات الشيطان (١) ومن المعلوم انه لا فرق في ذلك بين الحلف والنذر بل الأمر في الحلف أوسع.
ويمكن ان يقال بان نذر عبد المطلب ذبح ولده كان بمعناه الأعم من ذبحه أو أداء ديته في سبيل الله ، ومن المعلوم ان المنذور إذا كان كليا له مصاديق محللة ومحرمة جاز النذر فتدبر.
أو يقال بان هذا النذر وان لم يكن منعقدا من أصل ولكن مقتضى تعظيم اسم الله هو ان يفدى عنه بشيء أما ثمن ديته أو بشيء آخر ويشهد له ما رواه الشيخ أيضا عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن على (عليهمالسلام) : انه أتاه رجل فقال انى نذرت ان انحر ولدي عند مقام إبراهيم عليهالسلام ان فعلت كذا وكذا ففعلته فقال عليهالسلام : اذبح كبشا سمينا تتصدق بلحمه على المساكين (٢)
الثانية ـ ان ظاهر الرواية كون مريم أول من سوهم عليه واقترع في حقه ، وكون مساهمة يونس بعده ؛ مع ان يونس بن متى عليهالسلام ـ كما تشهد به التواريخ ـ كان قبل مريم بمئات من السنتين ، ففي بعض التواريخ انه كان قبل ميلاد عيسى عليهالسلام به ٨٢٥ سنة وفي بعضها الأخر انه كان قبله بأكثر من ذلك ، كيف وهو من أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا
__________________
(١ و ٢) ـ رواه في الوسائل في أواخر كتاب النذر والعهد في باب «من نذر ان ينحر ولده لم ينعقد» من المجلد الثالث.