الثاني ـ في مفاد القاعدة وحدودها
لقد تحصل من جميع ما ذكرنا من الأدلة ان مشروعية القرعة على إجمالها مما لا شك فيها ، وانما الكلام في أمور :
١ ـ هل هي عامة لكل أمر مشكل ـ وما المراد من المشكل؟ ـ أو يختص ببعض الأبواب؟ وانها هل تختص بأبواب المنازعات وتزاحم الحقوق أو تجري في غيرها أيضا.
٢ ـ انه هل يشترط في العمل بها في كل مورد عمل الأصحاب بها فيه كما قيل أولا؟
٣ ـ انها من الامارات ، أو من الأصول العملية ، أو فيها تفصيل؟
٤ ـ نسبتها مع غيرها من الامارات والأصول.
فنقول ـ ومن الله سبحانه نستمد التوفيق والهداية ـ اما الأول فالحق انه ليس في عناوين الأدلة من عنوان «المشكل» عين ولا اثر ، وانما المذكور فيها عنوان «كل مجهول» كما في رواية محمد بن حكيم عن ابى الحسن موسى عليهالسلام وكما في مرسلة الشيخ في «النهاية» عنه عليهالسلام وعن غيره من آبائه وأبنائه (عليهمالسلام) ـ قال المحقق النراقي (قده) ان الرواية الأولى حكى الإجماع على ثبوتها وعلى روايتها.
وقد ورد في مرسلة فقه الرضا ـ بناء على كونها رواية عن المعصوم ـ «وكل مالا يتهيأ فيه الاشهاد عليه».
والظاهر ان المراد بالمجهول هو المجهول المطلق ، اعنى ما لا طريق إلى معرفة حاله لا من الأدلة القطعية ولا الظنية ، ولا من الأصول العملية بان لا يكون مجراها أو كان ولكن كان في العمل بها فيه محذور ، كما في مورد الغنم الموطوئة المشتبهة في قطيع غنم ، فإن الأصل العملي فيها وان كان هو الاحتياط بالاجتناب عن الجميع الا انه مستلزم