١٢ ـ عدم جريان القاعدة مع الغفلة
ان الشك في العمل بعد الفراغ والتجاوز عنه يتصور على أقسام :
تارة يكون مع العلم بأنه كان ذاكرا له حين العمل ؛ عالما بصحته ، ولكن يحتمل انه كان مخطئا في اعتقاده ، آتيا به على خلاف ما كان مأمورا به.
واخرى مع الشك في كونه ذاكرا له أو غافلا عنه ، فكما يحتمل الغفلة يحتمل الذكر.
وثالثة مع العلم بكونه غافلا محضا ولكن يحتمل الإتيان بما كان مأمورا به من باب الصدفة والاتفاق ، كمن يعلم بأنه لم يحول خاتمه عن محله حين الوضوء ولكن يحتمل انغسال ما تحته اتفاقا.
لا إشكال في جريان القاعدة في الصورتين الأوليين ، وانما الكلام في شمول إطلاقات الأدلة للثالثة ، فقد يقال بعدم شمولها لها ، نظرا الى التعليل الوارد في قوله : «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» فان التعليل بذلك يدل على تخصيص الحكم بمورد احتمال الذكر ، وان كان عنوان السؤال عاما ، ويمكن ان يقال بشمولها لها وان التعليل من قبيل «الحكمة» للحكم لا «العلة» له ، حتى يكون مخصصا.
والتحقيق هو الأول لا لمجرد ظهور التعليل الوارد في الرواية ؛ وفي رواية أخرى لمحمد بن مسلم :
«وكان حين انصرف أقرب الى الحق منه بعد ذلك» في ذلك بل لأن الإطلاقات بأنفسها قاصرة عن شمولها له ، منصرفة عنه ، لا سيما مع القول بكون القاعدة من الامارات ، ومن باب غلبة الذكر ، فان هذا الملاك انما هو في غير صورة العلم بعدم الذكر.
هذا مضافا الى ما عرفت من ان الحكم الشارع بحجية القاعدة ليس تأسيسا ، بل هو