أبواب المعاملات ؛ حتى انه نفسه لا يمكنه الجري على وفق ما افاده عند العمل ، فان لازمه حصر مورد القاعدة بموارد الشك في صحة الإنشاء من ناحية الماضوية والصراحة ، والتنجيز وأمثالها ؛ بناء على اعتبار هذه الأمور فيها ، واما إذا شك في معلومية العوضين أو زيادة أحد العوضين على الأخر وعدمها مع كونهما جنسا واحدا وما أشبه ذلك فلا يمكن التمسك بها لإثبات صحة المعاملة المشكوكة من ناحيتها وهو كما ترى.
وما قد يلوح من بعض كلماته في المقام من : «ان اعتبار معلومية العوضين أو عدم كون أحدهما زائدا على الأخر انما هو مأخوذ في صحة العقد» لم نتحقق معناه ؛ فإنه ان أراد اعتبارها في صحة العقد بمعنى إنشاء الصيغة فهو كما ترى ، وان أراد اعتبارها في العقد المسببي وما يترتب عليه النقل والانتقال ، فجميع الشرائط كذلك ولا يرى بينها من تفاوت.
ولا بأس بالإشارة الى بعض الموارد التي صرحوا بجريان قاعدة الصحة فيها مع كون الشك فيها من ناحية شرائط المتعاقدين أو العوضين وهو ما ذكروه في رواية «ابن أشيم» المشهورة الواردة في العبد المأذون الذي دفع اليه مال ليشتري به نسمة ويعتقها ويحج عن أبيه ، فاشترى أباه وأعتقه ؛ ثمَّ تنازع مولى المأذون ومولى الأب وورثة الدافع وادعى كل منهم انه اشتراه بماله ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : «يرد المملوك رقا لمولاه واى الفريقين أقاموا البينة بعد ذلك على انه اشتراه بماله كان رقا له». حيث استشكلوا على ظاهر الحديث بمخالفته للقواعد حيث ان الحكم بفساد العقد المذكور ومطالبة البينة من مدعى الصحة مخالف للقاعدة لأن مدعى الصحة تكفيه أصالة الصحة مع يمينه. ومن الواضح ان منشأ الشك هنا ليس من ناحية صحة الإنشاء وشرائطه بل من ناحية العوضين وان العبد المأذون اشترى أباه بمال مولى الأب حتى يكون البيع باطلا أو بمال مولاه أو ورثة الدافع حتى يكون صحيحا.