بالعلم الإجمالي الارتكازي الذي عرفته آنفا) فيكون اذكر وأبصر منه حين يشك (عند مضيه وانصرام اجله وانمحاء تفاصيله عن ذهنه). بلا تفاوت في ذلك بين الكل والجزء وبين الفراغ عن نفس الشيء أو التجاوز عن محله.
اما الأدلة النقلية التي هي العمدة في المسئلة فالإنصاف انه لا يستفاد منها ـ على اختلاف ألسنتها وتعابيرها شيئان مختلفان ، بل الناظر فيها ، إذا كان خالي النظر ، غير مشوب الذهن بما دار بين الاعلام من النقض والإبرام في اتحاد القاعدتين واختلافهما ، لا يتبادر الى ذهنه إلا قاعدة واحدة عامة تجري في اجزاء العمل وكلها بعد مضيها وانصرامها.
ولا ينافي ذلك كونها مقيدة ببعض القيود في بعض مصاديقها ؛ كاعتبار الدخول في الغير بالنسبة إلى جريانها في الاجزاء (لو قلنا به) كما سيأتي ان شاء الله.
ويؤيد هذا المعنى تقارب التعبيرات ؛ لو لم نقل باتحادها ، في اخبار الباب الواردة في موارد الفراغ عن نفس العمل ، والتجاوز عن الاجزاء ؛ من التعبير بالمضي (كما في روايتي إسماعيل ومحمد بن مسلم) وان الشك ليس بشيء (كما في روايتي زرارة وابن ابى يعفور).
حتى ان التعبير ب «التجاوز» أو «الدخول في الغير» لا يختص بموارد قاعدة التجاوز (على ما اختاره القائلون بالتعدد) بل ورد ذلك بعينه في الأحاديث الواردة في مورد قاعدة الفراغ أيضا فرواية ابن ابى يعفور المروية عن الصادق عليهالسلام «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غبرة فليس شكك بشيء إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» بناء على رجوع الضمير في قوله «قد دخلت في غيره» الى الوضوء ، واردة في باب قاعدة الفراغ مع ذكر اعتبار الدخول في الغير فيها وما وقع فيها من التعبير بالتجاوز.
وفي غير هذه الرواية أيضا شواهد على المقصود فراجع وتدبر.
فتحصل من ذلك كله ان الحق هو اتحاد القاعدتين وفاقا لما يظهر من شيخنا العلامة