ومن ناحية أخرى الآية وان اختصت مفادها بمسألة الكفر والايمان الا ان حكمها جار في غيرها بطريق اولى كما لا يخفى ، فاذا جازت التقية في هذه المسألة المهمة جاز في غيرها قطعا مع تحقق شرائطها.
قال المحقق البيضاوي في تفسيره عند ذكر الآية :
«وهو دليل على جواز التكلم بالكفر عند الإكراه وان كان الأفضل ان يتجنب عنه إعزازا للدين كما فعله أبواه (عمار) ثمَّ نقل رواية الحسن السابقة في رجلين أخذهما مسيلمة ـ الى ان قال ـ اما الأول فقد أخذ رخصة ـ الله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له»
ومنها قوله تعالى في سورة الغافر حاكيا عن مؤمن آل فرعون : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ). (١)
هذه الآية وما بعدها تحكي عن قصة مؤمن آل فرعون واحتجاجه على قومه نقلها القرآن بلسان القبول والرضا ، حتى ان قوله (يَكْتُمُ إِيمانَهُ) أيضا بهذا اللسان ، لسان القبول والرضا ، فهي دالة على جواز كتمان الايمان عند الخوف على النفس ومثله.
ولا شك ان كتمان الايمان لا يمكن عادة بمجرد عدم الإظهار عن مكنون القلب بل لا يخلو عن إظهار خلافه ، لا سيما إذا كان ذلك مدة طويلة كما هو ظاهر حال مؤمن آل فرعون.
فكتمان إيمانه لا يتيسر الا بالاشتراك معهم في بعض أعمالهم وترك بعض وظائف المؤمن الخاصة به ، وبالجملة حمل كتمان إيمانه على مجرد
__________________
(١) الغافر ـ ٢٨.