ولا يخفى عليك ان المراد من قوله قدسسره فلا بد من تأويله ان لم يمكن طرحه كالامثلة التى ذكرت ليس هو تعين الطرح فيما امكن الطرح اذ المستفاد من مفهوم هذا الكلام عدم تعين التأويل عند امكان الطرح لا تعين الطرح فيجوز ترجيح التأويل عند الامكان من حيث تحكيم ادلة الصدور على الدلالة فى مفروض البحث كما هو الحق عند الشيخ قدسسره فيما ستقف عليه فى مسئلة التعارض. وبالجملة ان النقلى لا اعتبار له فى قبال العقلى القطعى فأما يطرح او يأول وكلما حصل القطع من دليل نقلي فلا يجوز ان يحصل القطع على خلافه من دليل عقلى مثل القطع الحاصل من اجماع جميع الشرائع والاديان على حدوث العالم زمانا كما انه حادث ذاتا باتفاق من ارباب العقول. والمراد من الحدوث الزمانى كون وجوده مسبوقا بالعدم الغير المجامع له ويقابله الحدوث الذاتى وهو كون وجود الشىء المستفاد من علته مسبوقا بالعدم فى مرتبة ذاته. والحاصل انه اذا دل الدليل النقلي من اجماع او آية او سنة قطعية على حدوث العالم زمانا كاجماع جميع اهل الشرائع الكاشف قطعا عن قول الانبياء عليهمالسلام او غيره علي حدوث العالم زمانا لم يلتفت الى البرهان المغالطى بان العالم معلول لوجود البارى تعالى جل شانه فاذا كان قديما فلا بد ان يكون العالم قديما ايضا وإلّا لزم انفكاك المعلول عن العلة والاثر عن المؤثر غاية ما هناك تقدم وجود البارى تعالى ذاتا على العالم وهذا هو المراد من الحدوث الذاتي فان هذا البرهان كان شبهة فى مقابل البديهة لكن هذا اى حصول القطع من دليل نقلى وعدم جواز حصول القطع من دليل عقلى لا يتأتى فى العقل البديهى ولا فى الفطرى الخالى عن شوائب الاوهام بل لا بد فى مواردهما من التزام عدم حصول النقلى على خلافه لان الادلة القطعية النظرية فى النقليات مضبوطة محصورة لانها منحصرة فى الاخبار المتواترة والآحاد المحفوفة بالقرائن القطعية والاجماعات المحققة ولم يتحقق مورد تعارض هذه الامور المذكورة للعقل البديهى والفطرى الذى هو حجة بالبديهة وكذلك القطعيات الضرورية النقلية ايضا مضبوطة محصورة لانحصارها فى الضروريات الدينية والمذهب والقطعيات الفقهية وبالجملة ليس فى الادلة النقلية القطعية شيء يصادم العقل البديهى والفطرى.