(م) فان قلت ما الفرق بين هذا الوجه الذى مرجعه الى المصلحة فى الامر بالعمل على الامارة وترتيب احكام الواقع على مؤداها وبين الوجه السابق الراجع الى كون قيام الامارة سببا لجعل مؤداها على المكلف مثلا اذا فرضنا قيام الامارة علي وجوب صلاة الجمعة مع كون الواجب فى الواقع هى الظهر فان كان فى فعل الجمعة مصلحة يتدارك بها ما يفوت بترك صلاة الظهر فصلاة الظهر فى حق هذا الشخص خالية عن المصلحة الملزمة فلا صفة تقتضى وجوبها الواقعى فهنا وجوب واحد واقعا وظاهرا متعلق بصلاة الجمعة وان لم يكن فى فعل الجمعة صفة كان الامر بالعمل بتلك الامارة قبيحا لكونه مفوتا للواجب مع التمكن من ادراكه بالعلم فالوجهان مشتركان فى اختصاص الحكم الواقعى بغير من قام عنده الامارة علي وجوب صلاة الجمعة فيرجع الوجه الثالث إلى الوجه الثانى وهو كون الامارة سببا لجعل مؤداها هو الحكم الواقعى لا غير وانحصار الحكم فى المثال بوجوب صلاة الجمعة وهو التصويب الباطل.
(ش) اقول قد عرفت ان مرجع الوجه الثالث من اقسام السببية الى المصلحة فى العمل بالامارة وترتيب احكام الواقع على مؤداها وبعبارة اخرى : ان مرجعه الى ثبوت المصلحة السلوكية بسبب قيام الامارة مع بقاء الواقع والمؤدى على ما هما عليه من المفسدة والمصلحة من دون ان يحدث فى الفعل مصلحة اصلا وان مرجع الوجه الثانى الى كون مؤدى الامارة الحكم الواقعي فى حق الظان بخلافه والمصلحة الطارية فيه كانت فى نفس العمل فاذا تبين مرجع كل منهما فاعلم ان محصل الاشكال ان هذين الوجهين الاخيرين لا فرق بينهما فى كونهما مستلزمين للتصويب اذا الفرض ان المصلحة انما نشأت من الامارة فى كليهما منتهى الامر عدم جعل مؤداها على المكلف فى ثانيهما وجعله فى اولهما وهذا المقدار من الفرق لا يجدى بينهما باخراج احدهما عن عنوان التصويب مع اشتراكهما فيما هو المناط فى بطلانهما اذ لو فرض قيام الامارة على ما هو مخالف للواقع واشتمل سلوكها على المصلحة ففى هذا الفرض ان كان الحكم الواقعى ثابتا لزم اجتماع الضدين ـ