(م) وقد يقرر دلالة العقل على ذلك بانا اذا فرضنا شخصين قاطعين بان قطع احدهما بكون مائع معين خمرا وقطع الآخر بكون مائع معين آخر خمرا فشرباهما فاتفق مصادفة احدهما للواقع ومخالفة الآخر فاما ان يستحقا العقاب او لا يستحقه احدهما او يستحقه من صادف قطعه الواقع دون الآخر او العكس لا سبيل الى الثانى والرابع والثالث مستلزم لاناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار ومناف لما يقتضيه العدل فتعين الاول
(ش) تقرير دلالة العقل بالنحو الذى ذكره الشيخ قدسسره مما استفاده من بعض كلمات المحقق السبزوارى فى مسئلة الجاهل بالعبادة اقول اما وجه بطلان الثانى من الشقوق المذكورة فلمخالفته لما قام عليه الضرورة من الدين والمذهب وهو عدم استحقاق من يشرب الخمر الواقعى للعقاب واما وجه بطلان الرابع وهو عدم استحقاق العقاب لمن شرب الخمر الواقعى واستحقاقه لمن شرب المائع باعتقاد انه خمر ولم يصادف للواقع فلاستلزامه العقاب على العاصى وعدمه على غير العاصى وهذا ليس إلّا ترجيح المرجوح وهو عدم المصادفة على الراجح وهو المصادفة وهذا مضافا الى مخالفته للضرورة مناف لمقتضى العدل والحكمة واما وجه بطلان الثالث كما ذكره قدسسره فلاستلزامه العقاب بما هو خارج عن القدرة والاختيار وهو المصادفة وهذا ايضا مناف لمقتضى العدل لان الامر الغير الاختيارى لا يمكن ان يكون سببا لاستحقاق العقاب فالمتعين من الشقوق هو الاول وينبغى ان يعلم ان مقتضى هذا التقرير هو جعل استحقاق العقاب تابعا لمخالفة الاعتقاد لا مخالفته للواقع.
قوله لا يستحقه احدهما ... لا يخلو من المسامحة اذ الغرض افادة السلب الكلى والعبارة المذكورة لا تفيده لا يقال ان لفظ احد نكرة وهى فى سياق النفى يفيد العموم لانا نقول ان لفظ احد مع اضافته الى الضمير لا يفيد العموم كما لا يخفى