ـ المتجرى به عن خبث سريرته وصفة الشقاوة فيه وانما الكلام فى استحقاق الفاعل للعقاب علي الفعل المتجرى به فنقول لا اشكال فى استحقاق المصادف باعتراف الخصم لانه عصي اختيارا كعصيان سائر العصاة من دون فرق بينهما اصلا واما عدم استحقاق غير المصادف فلعدم صدور فعل منهى عنه منه.
(وبعبارة اخرى) ان الامور المتصورة فى هذا المقام ثلاثة : احدها العقاب على امر غير اختيارى ولم يرجع بالاخرة الى الاختيار ولا شك فى قبح العقاب فى هذا الفرض وثانيها استحقاق العقاب علي امر يرجع بالاخرة الى الاختيار ولا شبهة ولا خلاف فى استحقاق العقاب فى هذا الفرض وثالثها عدم استحقاق العقاب علي امر غير اختيارى ولم يرجع بالاخرة الى الاختيار وقبح عدم العقاب فى هذا الفرض محل خلاف والمشهور على عدم قبحه بل قبحه ممنوع فاذا عرفت هذه الامور الثلاثة تبين الفرق بين المصادف وغيره وبيان الفرق ان المكلف فى صورة المصادفة لما كان عازما على ارتكاب ما كان منهيا عنه فى نفس الامر فارتكب فصادف الواقع وهذه المصادفة وان كانت من حيث هى من الامور الغير الاختيارية ولكن راجعة بالاخرة الى الاختيار لكونها ناشئة ومسببة عن فعله الاختيارى فلا قبح فى عقابه لهذا الفعل من حيث كونه مصادفا واما فى صورة عدم المصادفة فالمكلف لما كان عازما على الفعل المنهى عنه بحسب اعتقاده فاتفق عدم المصادفة وهذه من حيث هى قضية اتفاقية خارجة عن حيز الاختيار من دون ان يرجع ذلك الى اختياره فحينئذ القول بعدم العقاب بازاء هذا الفعل لاجل عدم مصادفته للواقع لا يستلزم قبحا والقبح انما هو فى العقاب على غير الاختيارى وكان لمن لم يصادف ان يحتج على مولاه لو اراد العقاب عليه بان ما اوقعته لم يكن مندرجا تحت العناوين المحرمة بل هو من المباحات وما قصدته لم يقع فى الخارج حتى يوجب العقاب ومجرد قصد المعصية لا يوجب العقاب وبهذا يظهر الجواب عن القول ب ان التفاوت بالاستحقاق والعدم لا يحسن ان يناط بما هو خارج عن الاختيار قوله كما يشهد به الاخبار الواردة الخ يعنى ان الشاهد بما ذكره قدسسره من كون عدم المصادفة مانعا من استحقاق العقاب الاخبار الواردة فى ان من ـ