ـ كون الاختلاف من جهة ضم المقدمة العقلية الباطلة الى المقدمة الشرعية وبالجملة ما ذكره من الجواب لا شبهة فى فساده.
ومن الموضحات لما ذكره المحدث فيما سبق من انه ليس فى المنطق قاعدة مسلمة تعصم من الخطاء فى مادة الفكر اختلاف المشائين والاشراقيين فى ان تفرق ماء كوز الى كوزين هل هو اعدام لشخصه واحداث لشخصين آخرين او ليس اعداما للشخص الاول وانما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتصال والقائل بالاول هو المشائيون وبالثانى هو الاشراقيون ولا باس قبل بيان الاختلاف بين الطائفتين فى المسألة المذكورة من الاشارة إلى بيان ان المشائيين والاشراقيين من هم؟.
فنقول ان المشائيين والاشراقيين على ما قاله اهل التحقيق طائفتان من الحكماء ورئيس الطائفة الاولى المعلم الاول ورئيس الطائفة الثانية من قدماء الحكماء افلاطون ومن المتاخرين الشيخ السهروردى من الطائفة الشيعة كثرهم الله تعالى وحشرهم يوم القيامة مع ائمتهم الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين.
ثم انهما طائفتان مختلفتا المذاق فى كثير من المسائل وما اعتقده الطائفة الاولى هو ان تحصيل المعارف والمطالب بطريق الرياضة والمكاشفة ليس له معني بل لا بد من سلوك طريق الاستدلال والوقوف على حقيقة الاشياء بالبرهان الفكرى واما الطائفة الثانية وهم الاشراقيون اعرضوا عن طريق الاستدلال واعتبروا فى الوقوف على حقيقة الاشياء بطريق المكاشفة وتصفية الباطن حتى يصير محلا للفيض وذكروا فى وجه تسمية الطائفة الاولى بالمشائين انهم كانوا كثيرى المشي والتردد الى منزل استادهم المعلم الاول لاخذ العلوم وتعلمها او كان بناء المعلم على التدريس حين مشيه ذهابا الى خدمة الاسكندر وإيابا منها.
وللفريقين اختلافات كثيرة فى مسائل شتى على ما افاده المحققون : منها مسئلة تركب الجسم عن الهيولى والصورة وعدم تركبه منهما فذهب الطائفة الاولى الى تركبه عنهما والثانية الى عدم تركبه عنهما وتوضيح القول فيه بحيث يوجب بصيرة فى الجملة يقتضى البحث على معنى الهيولى والجسم والصورة : ـ