فلم ألبث ـ بفتح الهمزة والموحدة بينهما لام ساكنة. آخره مثلثة ـ إلاّ سويعة ، ـ بضم السّين المهملة وفتح الواو مصّغر ساعة ـ وهي جزء من الزمان ، أو من أربعة وعشرين جزء من اليوم والليلة ، إذ سمعت بلالا ينادي ، أي عبد الله بن قيس ، يعني يا عبد الله ، ولأبي ذرّ ابن عبد الله بن قيس : فأجبته. فقال : أجب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعوك ، فلمّا أتيته قال : خذ هذين القرينين وهاتين القرينتين. أي : الناقتين. لستة أبعرة. لعلّه قال : هذين القرينين ـ ثلاثا ـ فذكر الراوي مرّتين اختصارا.
لكن قوله في الرواية الأخرى : فأمر لنا بخمس ذود. مخالف لما هنا.
فيحمل على التعدد ، أو يكون زادهم واحدا على الخمس ، والعدد لا ينفي الزائد » (١).
فالعجب من الكابلي المتتبّع النظّار ، كيف عرّض الحديث للقدح والإنكار بمجرّد اختلاف الروايات في الطّير المشوي ، ولم يقف على دأب خدّام الحديث النبوي ، حيث أنّهم حملوا اختلاف كثير من الأحاديث على تعدّد الواقعة ، وجعلوه حجة نافية للشبهات قاطعة ، فليت شعري هل يقف الكابلي عن مقالته السمجة الشنيعة ، ويتوب عن هفوته الغثة الفظيعة ، أم يصرّ على ذنبه ويدع النصفة في جنبه ، فيبطل شطرا عظيما من الروايات والأخبار ، ويعاند جمعا كثيرا من العلماء والأحبار.
بطلان دعوى حكم أكثر المحدّثين بوضع الحديث
قوله :
« وهذا الحديث قال أكثر المحدّثين بأنّه موضوع ».
__________________
(١) إرشاد الساري ـ شرح صحيح البخاري ٦ / ٤٥٠.