فهذا الكلام الصادر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلق ، ولو كان المراد الأحب في خصوص الأكل ـ لا مطلقا ـ كان الكلام غلطا مستبشعا ، لانّ إطلاق أفعل التفضيل بلحاظ بعض الحيثيّات غير المعتد بها غير جائز ، إذ لو جاز ذلك لزم أن يكون العالم بمسألة جزئيّة واحدة من مسائل الوضوء « أعلم » أو « أفقه » ممّن اتفّق جهله بها ، وهو عالم بما سواها من مسائل الوضوء بل الطّهارات كلها بل سائر الأبواب الفقهية ... وهذا بديهيّ البطلان ...
وأيضا : لو كان معظم أعضاء بدن زيد أجمل من عمر إلاّ عضوا واحدا من عمر وكإصبعه مثلا فكان أجمل ... فإنّه لا يستريب عاقل في بطلان قول القائل : عمر وأجمل من زيد.
إذن ، لا يجوز رفع اليد عن الإطلاقات بلحاظ هكذا حيثيّات في شيء من الكلمات ، فكيف بكلمات الشارع المقدّس ، فإنّ إرادة مثل هذه الحيثيّات من الإطلاقات أشبه بالألغاز ...
ولو جاز إطلاق أفعل التفضيل بلحاظ بعض الأمور غير المعتبرة في التفضيل لزم جواز تفضيل من اخترع صناعة أو اكتشف علما ... مثلا ... على الأوصياء والأنبياء المرسلين ... وأن لا يكون مثل هذا من التعريض وسوء الأدب ... لكنّ شناعة هذا واضح لدى المميّزين من الأطفال فضلا عن أرباب الأدب والكمال ... ولا نظنّ بأحد من أهل السنّة الالتزام بجوازه ، وكيف يظنّ بهم ذلك وهم يوجبون الضرب الشديد والحبس الطويل على من أقرّ على قول من عرّض بابنة أبي بكر؟ قال السّيوطي :
« أفتى أبو المطرف الشعبي في رجل أنكر تحليف امرأة باللّيل قال : ولو