الطير :
« قوله : بأحبّ خلقك إليك.
التوربشتي : نحن وإن كنّا لا نجهل ـ بحمد الله ـ فضل علي رضياللهعنه وقدمه وسوابقه في الإسلام واختصاصه برسول الله ...
أقول : والوجه الذي يقتضيه المقام هو الوجه الثّاني ، لأنّه صلّى الله عليه وسلّم كان يكره أن يأكل وحده ، لأنّه ليس من شيمة أهل المروّة ، فطلب من الله أن يتيح له من يؤاكله ، وكان ذلك برا وإحسانا منه إليه ، وأبرّ المبرّات برّ ذي الرحم وصلته ، كأنّه قال : بأحبّ خلقك إليك من ذوي القرابة ومن هو أولى بإحساني وبرّي إليه » (١).
أقول :
لقد أورد الطّيبي كلام التوربشتي في تأويل هذا الحديث بنصّه ثمّ أعرض عن الوجه الأوّل لسخافته وأيدّ الوجه الثاني من وجهي التأويل بما ذكر ، لكنّ ما جاء به تأييدا لما تقوّله التوربشتي باطل من وجوه :
إنّه لا ريب في حضور أنس بن مالك وسفينة عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في قضيّة الطائر وساعة سؤاله من الله سبحانه أن يأتيه بأحبّ الخلق إليه ، فلو كان السّبب في دعائه هو « أنّه كان يكره أن يأكل وحده لأنّه ليس من شيمة أهل المروّة » لكان يكفي أكل أحد الحاضرين معه ، ولم يكن حاجة لطلب غيره لا مرة بل مرّات.
__________________
(١) الكاشف ـ شرح المشكاة ـ مخطوط.