لي الفضيلة بذلك. فجاء علي فرددته وقلت له إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على شغل ، فمضى ، ثمّ دعا ثانية فقال لي : استأذن لي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقلت له : إنّه على شغل. ثمّ عاد ثالثة فاستأذنت له ، ودخل ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : قد كنت سألت الله تعالى أن يأتيني بك دفعتين ، ولو أبطأت عليّ الثالثة لأقسمت على الله أن يأتيني بك.
ولو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سأل الله تعالى أن يأتيه بأحبّ خلقه إليه في نفسه ، وأعظمهم ثوابا عنده ، وكانت هذه من أجلّ الفضائل ، لما آثر أنس أن يختص بها قومه ، ولو لا أنّ أنسا فهم ذلك من معنى كلام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما دافع أمير المؤمنين عليهالسلام عن الدخول ، ليكون ذلك الفضل لرجل من الأنصار ، فيحصل له جزء منه » (١).
وجاء في الحديث ـ فيما رواه ابن مردويه ـ : « قلت اللهم اجعله رجلا منّا حتى نشرّف به. قال : فإذا علي ، فلمّا أن رأيته حسدته ، فقلت : النبيّ مشغول ، فرجع ». وفي لفظ خبر ابن المغازلي عنه : « بينا أنا كذلك إذ دخل علي فقال : هل من إذن؟ فقلت : لا ، ولم يحملني على ذلك إلاّ الحسد ».
وهذا دليل آخر على أنّ الأحبيّة لم تكن في الأكل فقط ... بل إنّها كانت أحبيّة جليلة القدر وعظيمة الفخر ... توجب الأفضليّة التامّة والأكرمية الكاملة ...
__________________
(١) الفصول المختارة من العيون والمحاسن : ٦٨.