ومما ذكرنا ـ من إطلاق أحبيّة الإمام إلى النبيّ وبطلان تقييده بجهة من الجهات ـ يبطل أيضا قوله :
« وإمّا أن نقول : إن الأحبّ بمعنى من الأحب ... ».
فإنّ هذا تأويل التوربشتي ومن تبعه ... وقد عرفت سقوطه بحمد الله ... فلا نعيد.
الخلاصة :
إنّ كلّ مساعي القوم في ردّ حديث الطّير لا تسمن ولا تغني من جوع ، وإنّ كلّ أعمالهم ذاهبة هباء منثورا ...
لقد سعوا كثيرا وبذلوا جهدا كبيرا ... لكن ضلّ سعيهم وما شروا بذلك إلاّ جهنّم وسعيرا ...
إنّه ما كان عند القوم أزيد من القدح في السند ، والمعارضة في الدلالة ، والحمل والتأويل ... وقد عرفت سقوط ذلك كلّه ... ولننقل بعض الكلمات في ذم التأويل لآيات الكتاب والأحاديث النبويّة عن بعض أكابرهم :
قال الغزالي : « وأمّا الطامّات فيدخلها ما ذكرناه في الشطح ، وأمر آخر يخصّها وهو : صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها المفهومة إلى أمور باطنة لا يسبق منها إلى الأفهام شيء يوثق به ، كدأب الباطنيّة في التأويلات ، فهذا أيضا حرام وضرره عظيم ، فإنّ الألفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل ، اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظ ، وسقط به منفعة كلام الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ، فإن ما يسبق منه إلى الفهم لا يوثق به والباطن لا ضبط له ، بل يتعارض فيه الخواطر ويمكن تنزيلها على وجوه شتّى. وهذا أيضا من البدع