والثالث : إنّه لا ريب في عداء أنس لأمير المؤمنين عليهالسلام ، والشواهد على ذلك عديدة ، منها موقفه منه عليهالسلام في قصة الطائر ـ فإذا روى شيئا في فضله ومنقبته قبل ، لأنّ الفضل ما شهدت به الأعداء ... ومن الواضح أنّه لو روى هذا الحديث عمر بن الخطاب أو أبو بكر لكان اعتباره أكثر والاعتماد عليه أشد ، وكان أدخل في الإلزام والإفحام.
قال الشيخ رحمهالله السندي في بيان أمارات الحديث الموضوع : « منها إقرار واضعه به ، وليس هذا قبولا لقوله مع فسقه ، وإنّما هو مؤاخذة بموجب إقراره ، كما يؤخذ بالاعتراف بالزنّا أو القتل ، ولذا جعل إقراره أمارة ، لأنا لا نقطع على حديثه بالوضع ، لاحتمال كذبه في إقراره بفسقه ، نعم إذا انضم إلى إقراره قرائن تقتضي صدقه فيه قطعنا به ، سيّما بعد التوبة » (١).
الرابع : إنّه لم ينفرد أنس برواية هذا الحديث ليقال : كيف تعتمدون على رواية الفاسق الكاذب. بل لقد رواه جمع غيره من الصّحابة ، وعلى رأسهم سيّدنا أمير المؤمنين عليهالسلام. ومن رواته منهم : ابن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، وسفينة مولى النبيّ ، وأبو الطفيل ، وسعد بن أبي وقاص ، وعمرو بن العاص ، وأبو مرازم يعلى بن مرّة ... إذن ، لقد رواه غيره من الصّحابة. بل إن رواية الأمير كافية للإحتجاج والاستدلال وقاطعة للسان القيل والقال.
__________________
(١) مختصر تنزيه الشريعة ـ المقدمة.