الجملة المختصرة الدالّة على المقصود إلى جملة طويلة غير واضحة الدلالة عليه؟!
لكنّ دعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : « اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك » ... من جوامع كلمه وسواطع حكمه ، فيه لطائف ونكت رفيعة ، وهي بمجموعها تدلّ على اهتمام منه بليغ بإظهار علوّ مقام أمير المؤمنين عليهالسلام في ذلك المقام :
١ ـ خطابه الباري عزّ وجلّ ونداؤه إيّاه باسم ذاته « الله » الذي هو أحبّ الأسماء إليه.
٢ ـ قوله : « اللهم » دون « يا الله » إذ في الأول دلالة على التفخيم والتعظيم ليست هي في الثاني ، لاشتماله على شدّتين ليستا في « يا الله ». وهذه النكتة نظير النكتة في اختيار ضم الضمير المجرور في قوله تعالى : ( عَلَيْهُ اللهَ ).
٣ ـ في « اللهم » نكتة أخرى ليست في « يا الله » ، هي أنّ الميم عوض حرف النداء ، فدلّت الكلمة على النداء لله سبحانه مع الابتداء باسمه العظيم ، بخلاف « يا الله ». ومن الواضح أنّ الابتداء باسمه أدخل في التعظيم والتبرّك.
٤ ـ في أكثر طرق الحديث لفظ « ائتني ». وإنّما اختار صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا اللّفظ على « أرسل إليّ » و « أبعث إليّ » ونحوهما لما في « الإتيان » ـ مع تعديته بالباء ـ من الدّلالة على مزيد العناية والاحتفال بشأن المأتيّ به ، فكأن المرسل مصاحب للمأتيّ به ، كما عن المبرّد في معنى : « ذهب فلان بزيد » أنّه يدّل على مصاحبة الفاعل للمفعول به ، لأنّ الباء المعديّة عنده بمعنى مع.
٥ ـ قوله : « ائتني » دون « ائت » ليدلّ على أنّ مطلوبه حضور أحبّ الخلق عنده ، لا مطلق إتيان أحبّ الخلق.