وكيف يجوز أن يكون معناها ذلك ولم يتنبّه به أحد من هذه الجماعات الكثيرة ، ونفي الخلاف والبناء والمنع المذكورة بين الطائفتين من قريب ثمانمائة سنة » (١).
وعليه ، فإنّه لمّا ثبت « أحبيّة » أمير المؤمنين عليهالسلام من حديث الطّير والأحاديث الكثيرة غيره ، كان إطلاق « الأحبّ » على غيره غير جائز ، وبذلك أيضا يسقط التأويل المذكور ، كما يسقط ما وضعوه في « أحبيّة » غيره عليه الصلاة والسلام.
ولما ذكرنا من عدم جواز إطلاق « أفعل التفضيل » على « المفضول » ، وبطلان حمل « أفعل التفضيل » على « الأفضلية الجزئيّة غير المعتنى بها » شواهد في أقوال الصّحابة والآثار المنقولة عنهم ... وإليك بعض ذلك :
* قال الغزّالي : « وروي عن ضبّة بن محصن العنزي قال : كان علينا أبو موسى الأشعري أميرا بالبصرة ، فكان إذا خطبنا حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وأنشأ يدعو لعمر رضياللهعنه. قال : فغاظني ذلك منه ، فقمت إليه فقلت له : أين أنت من صاحبه تفضّله عليه؟ فصنع ذلك جمعا.
ثمّ كتب إلى عمر يشكوني يقول : إنّ ضبّة بن محصن العنزي يتعرّض لي في خطبتي.
فكتب إليه عمر أن أشخصه إليّ.
قال : فاشخصني إليه ، فقدمت فضربت عليه الباب ، فخرج إليّ فقال : من أنت؟ فقلت : أنا ضبّة بن محصن العنزي. قال فقال لي : فلا مرحبا ولا
__________________
(١) الحاشية على شرح القوشجي على التجريد ـ مبحث الامامة.