الطّير؟ قلت : نعم. قال : فحدّثني به. قال : فحدّثته الحديث فقال : يا إسحاق ، إني كنت اكلّمك وأنا أظنّك غير معاند للحق ، فأما الآن فقد بان لي عنادك ، إنّك توقن أنّ هذا الحديث صحيح؟ قلت : نعم ، رواه من لا يمكنني ردّه. قال :
أفرأيت أنّ من أيقن أنّ هذا الحديث صحيح ثمّ زعم أن أحدا أفضل من علي لا يخلو من إحدى ثلاثة : من أن يكون دعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنده مردودة عليه ، أو أن يقول : عرف الفاضل من خلقه وكان المفضول أحبّ إليه ، أو أن يقول : إنّ الله عزّ وجلّ لم يعرف الفاضل من المفضول. فأيّ الثلاثة أحبّ إليك أن تقل؟
فأطرقت.
ثمّ قال : يا إسحاق : لا تقل منها شيئا ، فإنّك إن قلت منها شيئا استتبتك ، وإن كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله.
قلت : لا أعلم ... ».
ثمّ إنّ يحيى بن أكثم أعرب عن قبوله لما قال المأمون وعجزه عن الجواب بقوله : « يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبتّ ما لا يقدر أحد أن يدفعه ».
قال إسحاق : « فأقبل علينا وقال : ما تقولون؟ فقلنا : كلّنا نقول بقول أمير المؤمنين ... » (١).
وقال الذهبي بترجمة الحاكم : « وسئل الحاكم أبو عبد الله عن حديث الطير فقال : لا يصحّ ، ولو صحّ لما كان أحد أفضل من علي بعد رسول الله
__________________
(١) العقد الفريد ٥ / ٣٥٤ ـ ٣٥٨.