حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان أكثر ممّا جاء في علي » (١).
وهذا تمام الكلام على ما ذكره ابن تيمية في الوجه الثاني في هذا المقام.
قال :
« الثالث : إنّ أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجئ أحب الخلق إلى الله ليأكل معه ، فإن إطعام الطعام مشروع للبرّ والفاجر ، وليس في ذلك زيادة قربة لعند الله لهذا الأكل ، ولا معونة على مصلحة دين ولا دنيا ، فأيّ أمر عظيم هنا يناسب جعل أحبّ الخلق إلى الله بفعله ».
وهذا كلام سخيف في الغاية ، وما أكثر صدور مثله عند ما يحاولون الإجابة من فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهم يفقدون كلّ استدلال متين وبرهان مبين ...
إنّ من الواضح جدّا لدى جميع العقلاء دلالة المؤاكلة مع العظماء ، على الشرف العظيم ، فكيف بالمؤاكلة مع النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذي لا يشك مسلم في كونها شرفا عظيما جدّا ، فدعوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أحبّ الخلق لنيل هذا الشرف العظيم في كمال المناسبة ، ومن هنا قالت عائشة ـ لمّا سمعت هذه الدعوة ـ : « اللهم اجعله أبي ». وقالت حفصة : « اللهم اجعله أبي ». وقال أنس : « اللهم اجعله سعد بن عبادة » وفي رواية : « اللهم اجعله رجلا منّا حتى نشرّف به ».
وأيّ ربط لقوله : « فإنّ إطعام الطعام مشروع للبرّ والفاجر .. » بما نحن فيه؟ إذ الكلام في اختيار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعوته لأن يأكل معه ، ولا يلزم من مشروعيّة الإطعام للبرّ والفاجر أن لا يطلب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حصول شرف المؤاكلة معه لأحبّ الخلق.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٧٢.