وأمّا المعقول فهو : إنّه أعلم الصحابة ... وأيضا : هو أشجعهم ... وأيضا : هو أزهدهم ... وأيضا : هو أكثرهم عبادة ... وأكثرهم سخاوة ... وأحلمهم ... وأيضا : هو أفصحهم لسانا على ما يشهد به كتاب نهج البلاغة وأسبقهم إسلاما ...
وبالجملة ، فمناقبه أظهر من أن تخفى وأكثر من أن تحصى.
فالجواب : إنّه لا كلام في عموم مناقبه ووفور فضائله واتّصافه بالكمالات واختصاصه بالكرامات ، إلاّ أنّه لا يدلّ على الأفضليّة ، بمعنى زيادة الثواب والكرامة عند الله تعالى ، بعد ما ثبت من الاتّفاق الجاري مجرى الإجماع على أفضلية أبي بكر وعمر ، والاعتراف من علي رضياللهعنه بذلك. على أنّ فيما ذكر مواضع بحث لا تخفى على المحصّل ، مثل : أنّ المراد ب( أَنْفُسَنا ) نفس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما يقال : دعوت نفسي إلى كذا ، وأن وجوب المحبة وثبوت النصرة على تقدير تحققه في حق علي ـ رضياللهعنه ـ لا اختصاص به ، وكذا الكمالات الثابتة للمذكورين من الأنبياء ، وأنّ أحبّ خلقك يحتمل تخصيص أبي بكر وعمر ـ رضي الله تعالى عنهما ـ عملا بأدلّة أفضليّتهما ، ويحتمل أن يراد أحبّ الخلق إليك في أن يأكل منه ... » (١).
أقول : لقد ذكر التفتازاني طائفة من الحجج البالغة والدلائل الواضحة على أفضلية سيدنا أمير المؤمنين عليهالسلام ... ثم أنكر أن يكون شيء منها دالا على أفضليّته بمعنى زيادة الثواب والكرامة عند الله تعالى ... لكن إنكاره ذلك ساقط مردود ، فقد أثبت علماء الشيعة دلالة كلّ واحد واحد من تلك الأدلة في محلّه ...
__________________
(١) شرح المقاصد ٥ / ٢٩٥ ـ ٢٩٩.