معاشرة أو أقرب نسبا أو أشدّ ألفة من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ... ومن المعلوم أن الأنصار لم يكونوا حائزين لهذا الشّرف وتلك المرتبة ، فكيف يرجو أنس أن يكونوا مصداق دعاء الرسول؟
وعن ( كتاب الطير ) للحافظ ابن مردويه : « نا محمّد بن الحسين قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن قال : نا علي بن الحسن السمالي قال : حدّثني محمّد بن الحسن بن الجهم ، عن عبد الله بن ميمون ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن أنس قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر فأعجبه ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير. قال أنس قلت : اللهم اجعله رجلا منّا حتّى نشرّف به. قال : فإذا علي. فلمّا أن رأيته حسدته فقلت : النبيّ مشغول ، فرجع ، قال : فدعا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الثانية ، فأقبل علي كأنّما يضرب بالسيّاط ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : افتح افتح ، فدخل ، فسمعته يقول : اللهم وإليّ ، حتى أكل معه من ذلك الطير ».
فإذن ... كانت القضيّة ممّا يتشرف ويعتّز به ... ولم تكن الأحبيّة في الأكل العارية من كلّ فضيلة والخالية من كلّ شرف ... كما يزعم النّواصب ...
ونعم ما أفاد الشيخ المفيد البغدادي ـ طاب ثراه ـ حيث قال :
« إنّ الذي يسقط ما اعترض به السائل في تأويل قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك » على المحبّة في الأكل معه ، دون محبّته في نفسه بإعظام ثوابه بعد الذي ذكرناه في إسقاطه : أن الرواية جاءت عن أنس بن مالك أنّه قال : لمّا دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يأتيه تعالى بأحبّ الخلق إليه : قلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار لتكون