وتعظيمه زيادة على كافة خلقه ، فقد ثبت مزيّته على سائر الخلق ، بدليل ثابت وهو سؤال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كذلك. وإذا كان أحبّ خلق الله تعالى إليه وجب الاقتداء به دون غيره ، وهذا غاية التنويه بذكره ودعاء الخلق إلى اتّباعه.
وفي هذه المدحة أيضا قطع النظارة له ، لأنّه إذا كان أحبّ خلق الله تعالى ولا مماثل له في ذلك أحد ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خارج من هذه الدعوة ، يدلّ على ذلك قوله حين رآه : اللهم وإليّ ، وفي الخبر الآخر يقول :
إليك وإلى رسولك. ثبت أنّ السؤال لمن عداه ، لئلاّ يعترض معترض على هذا الكلام. ومن كان أحبّ خلق الله تعالى إليه وأحبّ خلق الله إلى رسوله فقد عدم نظيره ووجب تفردّه بعلوّ المنزلة عند الله تعالى وعند رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
إن عدّ أهل
التّقى كانوا أئمّتهم |
|
أو قيل من خير
أهل الأرض قيل هم |
لا يستطيع جواد
بعد غايتهم |
|
ولا يدانيهم خلق
وإن كرموا » (١) |
ولا يخفى أنّه لما لم يكن دخول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في عموم « أحبّ خلقك إليك » متبادرا إلى الأفهام ولا وجه لصّحة دعواه من أحد ، فقد ذكر المحبّ الطّبري حديث الطير تحت عنوان « ذكر أنّه أحبّ الخلق إلى الله تعالى بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ».
وقول التوربشتي : « فيأوّل هذا الحديث ... على أنّه أراد به أحبّ خلقه إليه من بني عمّه وذويه » فتعصّب بحت ، وإلاّ فإنّه غير نافع له أبدا لوجوه :
__________________
(١) العمدة : ٢٥٢ ـ ٢٥٣.