وأخرج أبو يعلى حديث الطير بسنده باللفظ التالي :
« ثنا قطن بن نسير ، ثنا جعفر بن سليمان الضبّعي ، ثنا عبد الله بن مثنّى ، نبأ عبد الله بن أنس ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجل مشوي ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة : اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة : اللهم اجعله أبي. قال أنس : فقلت اللهم اجعله سعد بن عبادة.
قال أنس : سمعت حركة الباب فسلّم فإذا علي. فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فانصرف ثمّ. ثمّ سمعت حركة الباب فسلّم عليّ فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته فقال : انظر من هذا! فخرجت فإذا علي. فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته. فقال : ائذن له ، فأذنت له فدخل. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : وإليّ وإليّ » (١).
فلو كان معنى الحديث « الأحبّ في الأكل » فما هذا الولوع والشغف من عائشة وحفصة؟! وهلاّ فهمتا هذا المعنى من الحديث ، لا سيّما عائشة التي يزعم المتعصّبون من القوم إرجاع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الامة إليها ، لأخذ الدين والأحكام الفقهية منها!! فلا تدعوان لوالديهما اللذين هما ـ بزعمهما ـ أعلى مرتبة وأجلّ شأنا ، لحضور أمر جزئيّ تافه لا أثر له!!
لكنّ هذه الأحبيّة هي الأحبيّة التامّة العامّة المطلقة ، المقتضية للأفضلية التامة المطلقة ... وهي التي تمنّتها عائشة لأبيها!! وحفصة لأبيها!! وأنس
__________________
(١) تاريخ دمشق ٢ / ١١١ رقم : ٦١٤.