الصحيح على مطلوب الإماميّة ، يا منصفون؟! ...
وعلى كلّ حال ، فقد سقط هذا الاحتمال الذي أبداه ( الدهلوي ) للقدح في الاستدلال بحديث الطّير ... من حديث صحيح أخرجه الحافظ أبو يعلى في ( مسنده ) والحافظ النسائي في ( الخصائص ) الذي ذكره له ( الدهلوي ) في ( اصول الحديث ) وفي ( التحفة ) في الكتب المصنّفة من قبل علماء أهل السنّة في مناقب أهل البيت عليهمالسلام ... لكن لا ندري هل كان حين إبداع هذا الاحتمال على علم بوجود الحديث المذكور في ( الخصائص ) أو لا؟ إنّه ـ وإن كان الاحتمال الثاني هو الأقوى بالنظر إلى القرائن العديدة ـ فللأوّل أيضا مجال ، لأنّه ـ مضافا إلى وجود النظائر العديدة للمقام حيث وجدناه ينكر شيئا عن علم وعمد ـ أجاب عن سؤال وجّه إليه حول حديث الطّير في ( الخصائص ) بالطعن في راويه ـ وهو السدّي ـ لا بإنكار وجوده في الكتاب المذكور.
لو سلّمنا ترتّب أثر على هذا التأويل ، فإنّما يترتّب في حال احتمال خروج أبي بكر وعمر وعثمان كلّهم لا الأوّل وحده من المدينة المنّورة ، في جميع وقائع حديث الطير ، لثبوت تعدّد القضية وتكرّرها ، ومن العجيب جدّا خروجهم كذلك ولم يذكره أحد من أصحاب السّير ، مع شدّة اعتنائهم بضبط الأحوال خاصة أحوال الثلاثة ، وعدم نقلهم هكذا خبر دليل على عدم وقوعه. كما قال ابن تيميّة في ( منهاجه ) في نظائر المقام.
لقد ادّعى الكابلي خروج الثلاثة جميعا حيث قال : « ويحتمل أن يكون الخلفاء غير حاضرين في المدينة ، والكلام يشمل الحاضرين فيها دون غيرهم ، ودون إثبات حضورهم خرط القتاد » ، لكن ( الدهلوي ) استبعد هذا الاحتمال فاستحيى من ذكره واكتفى باحتمال خروج أبي بكر فقط.