وفي خصوص حديث الطّير نقول : إن صريح الفخر الرازي في ( تفسيره ) ـ في عبارته المتقدّمة سابقا ـ أنّ معنى محبّة الله تعالى لعبده إعطاؤه الثواب ... فلا ريب ـ إذن ـ في أنّ معنى أحبيّة العبد لديه أكثريّة الثواب منه إليه ، وإذا كانت الأحبيّة بمعنى الأكثرية ثوابا لم يبق أيّ ترديد في دلالة حديث الطّير على أفضلية الإمام عليهالسلام ...
ولقد سلّم ـ والحمد لله ـ الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) و ( الأربعين ) وكذا شمس الدين الأصفهاني في ( شرح التجريد ) والقاضي العضدي في ( المواقف ) والشريف الجرجاني في ( شرح المواقف ) والشهاب الدولت آبادي في ( هداية السعداء ) بأنّ الأحبيّة بمعنى الأكثرية في الثواب.
وإذا رأى المنصف اعتراف هؤلاء الأعاظم ـ في مقابلة الشيعة ، بكون الأحبيّة في حديث الطير بمعنى الأكثرية في الثواب ـ يفهم جيّدا فظاعة ما تفوّه به التفتازاني في هذا المقام.
ومن العجائب : استدلال التفتازاني ـ في نفس هذا الكتاب قبل عبارته هذه بورقة تقريبا ـ بحديث عمرو بن العاص على أفضليّة أبي بكر ، من جهة أنّ الأحبيّة تدلّ على الأكثرية ثوابا فالأفضليّة ... فكيف يقول بدلالة ذاك الحديث على أفضلية أبي بكر وكونه أكثر ثوابا ، ومع ذلك ينفي ـ في جواب إحتجاج الشيعة بحديث الطير ـ دلالته على أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أكثر ثوابا؟
وأمّا قوله : « بعد ما ثبت من الاتفاق الجاري مجرى الإجماع على أفضليّة أبي بكر ثم عمر » فدعوى كاذبة مردودة بوجوه :
الأول : قال الحافظ ابن عبد البر : « من قال بحديث ابن عمر : كنّا نقول على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ نسكت فلا نفاضل. فهو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ ، لأنّ