القائل بذلك قد قال خلاف ما اجتمع عليه أهل السنّة من السّلف والخلف من أهل الفقه والآثار : إن عليا كرّم الله وجهه أفضل الناس بعد عثمان. هذا مما لم يختلفوا فيه ، وإنّما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان. واختلف السّلف أيضا في تفضيل علي رضياللهعنه وأبي بكر رضياللهعنه. وفي إجماع الجميع الذي وصفناه دليل على أنّ حديث ابن عمر وهم وغلط ، وأنّه لا يصح معناه وإن كان إسناده صحيحا. ويلزم من قال به أن يقول بحديث جابر وحديث أبي سعيد : كنّا نبيع امّهات الأولاد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهم لا يقولون بذلك. فناقضوا. وبالله التوفيق » (١).
الثاني : لقد ثبت أنّ جمعا من أعلام الصحابة قالوا بأفضلية الإمام عليهالسلام من أبي بكر ... قال ابن عبد البر : « روي عن سلمان وأبي ذر والمقداد وحذيفة وحباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم : أن علي بن أبي طالب أوّل من أسلم ، وفضّله هؤلاء على غيره » (٢).
قلت : ومن الصحابة القائلين بأفضليته : عبد الله بن عمر ، فقد روى السيّد علي الهمداني : « عن أبي وائل ، عن عبد الله بن عمر رضياللهعنه قال : كنا إذا عدّدنا أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلنا : أبو بكر وعمر وعثمان. فقال رجل : يا أبا عبد الرحمن فعلي! قال : علي من أهل البيت ، لا يقاس به أحد ، مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في درجته ، إنّ الله يقول : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ففاطمة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في درجته ، وعلي معهما » (٣).
والعبّاس عمّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال أبو علي يحيى بن عيسى بن جزلة الحكيم البغدادي في ( تاريخ بغداد ) بترجمة شريك : « دخل
__________________
(١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٢) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ٢٧.
(٣) المودة في القربى. انظر : ينابيع المودّة ١ / ١٧٤.