القاضي البيضاوي
وقال القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي ـ في بيان وجوه استدلال الشيعة على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ـ :
« السادس ـ إنّ عليّا كرّم الله وجهه كان أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، لأنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أنّ المراد من قوله تعالى حكاية ( أَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) علي ، ولا شكّ أنّه ليس نفس محمّد صلّى الله عليه وسلّم بعينه ، بل المراد به أنّه بمنزلته أو هو أقرب الناس إليه ، وكلّ من كان كذلك كان أفضل الخلق بعده. ولأنّه أعلم الصحابة ، لأنّه كان أشدّهم ذكاء وفطنة وأكثرهم تدبيرا ورويّة ، وكان حرصه على التعلّم أكثر ، واهتمام الرسول عليهالسلام بإرشاده وتربيته أتمّ وأبلغ ، وكان مقدّما في فنون العلوم الدينية أصولها وفروعها ، فإنّ أكثر فرق المتكلّمين ينتسبون إليه ويسندون اصول قواعدهم إلى قوله ، والحكماء يعظّمونه غاية التعظيم ، والفقهاء يأخذون برأيه. وقد قال عليهالسلام : أقضاكم علي.
وأيضا : فأحاديث كثيرة ، كحديث الطير وحديث خيبر ، وردت شاهدة على كونه أفضل. والأفضل يجب أن يكون إماما ».
فقال في الجواب : « وعن السادس : إنّه معارض بمثله ، والدليل على أفضلية أبي بكر قوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) فإنّ المراد به إمّا أبو بكر أو علي وفاقا ، والثاني مدفوع لقوله تعالى : ( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) لأنّ عليا نشأ في تربيته وإنفاقه وذلك نعمة تجزى ، وكلّ من كان أتقى كان أكرم عند الله وأفضل ، لقوله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ). وقوله عليهالسلام : ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيّين والمرسلين أفضل من أبي بكر. وقوله عليهالسلام لأبي بكر وعمر : هما سيّدا كهول أهل الجنّة ما خلا