أو « الأحبيّة في الهلاك حتى لا تنعقد سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبيّ ».
وأمثال ذلك من وجوه الحمل والتأويل ...
إذن ... خلق هذا الاحتمال في حديث الطّير يفتح الباب لتوجّه ما ذكرناه إلى الحديث الذي اختلقوه في أحبيّة الشيخين ، فيكون مصداقا لقوله تعالى : ( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ).
هذا ، وقد نصّ على عدم جواز إطلاق « أفعل التفضيل » وإرادة معنى « الزيادة في الجملة » المحقّقون من أهل السنّة ، بل نصّ بعضهم على أنّ هذا غير وارد في اللّغة والعرف قطّ ... فقد قال القوشجي في شرح قول المحقق الطّوسي : « وعلى أكرم أحبّائه » قال :
« أي : آله وأصحابه الذين هم موصوفون بزيادة الكرم على من عداهم ». ثمّ قال القوشجي :
« قيل : لم يرد به معيّنا بل ما يتناول متعددا ، أعني من اتصّف من محبوبيّة بزيادة الكرم في الجملة.
وفيه نظر ، لأنّ أفعل التفضيل إذا أضيف فله معنيان ، الأوّل ـ وهو الشائع الكثير ـ أن يقصد به الزيادة على جميع ما عداه ممّا أضيف إليه. والثاني : أن يقصد به الزيادة مطلقا لا على جميع ما عداه ممّا أضيف إليه. وهو بالمعنى الأوّل يجوز أن يقصد بالمفرد منه المتعدد ، دون المعنى الثاني. وأمّا أفعل التفضيل بمعنى الزيادة في الجملة فلم يردّ قط » (١).
إذن ، ليس « الأحبّ » في حديث الطّير بمعنى « الأحبّ في الجملة » بل هو الأحبّ على طريقة العموم والاستغراق ، فبطل التأويلات السّخيفة التي
__________________
(١) القوشجي على التجريد : ٣٧٩.