وكيف كان ... فالشبهة ـ هذه ـ مندفعة بوجوه :
الأوّل : إنّ كذب « أنس » في قصّة حديث الطير ثلاث مرّات لا اختصاص له بروايات الإماميّة للقصة ، بل موجود في روايات أهل السنّة أيضا كما عرفت في قسم السند ... واعترف به ( الدهلوي ) في ( فتواه ) المذكورة سابقا ، وقد روى العيدروس اليمني قائلا :
« روي عن أنس قال : كنت أحجب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فسمعته يقول : اللهم أطعمنا من طعام الجنّة ، فأتي بلحم طير مشوي ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتنا بمن نحبه ويحبّك ويحبّ نبيّك. قال أنس : فخرجت فإذا علي بالباب ، فاستأذنني فلم آذن له ، ثمّ عدت فسمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك ، فخرجت فإذا علي بالباب ، فاستأذنني فلم آذن له ـ أحسب أنه قال : ثلاثا ـ فدخل بغير إذن ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما الذي أبطأ بك يا علي؟ قال : يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لم حجبته؟ فقلت : يا رسول الله ، لمّا سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال صلّى الله عليه وسلّم : ما يضرّ الرجل محبّة قومه ما لم يبغض سواهم. أخرجه ابن عساكر » (١).
والثاني : إن رواية أنس مقبولة لدى أهل السنّة ، واحتجاج الإماميّة بروايته إلزاما عليهم وإفحاما لهم صحيح وتام ... ولا يضرّ بذلك كونه عندهم فاسقا كاذبا ... كما هو واضح ...
__________________
(١) العقد النبوي والسرّ المصطفوي ـ مخطوط.