لا يشعرون ...
وأمّا ما ذكره من أنّه « سئل الحاكم عن حديث الطير فقال : لا يصح » ففيه :
أوّلا : إنّه كذب على الحاكم ... وكيف يقول الحاكم بعدم صحته وقد أخرجه في مستدركه على الصحيحين وأثبت صحته رغم الجاحدين؟
ومع هذا ، فإنّ نقل حكم الحاكم بعدم صحة هذه الحديث غايته أن يكون ظنيّا ، لكن حكمه بصحته في المستدرك قطعي ، والظّني لا يعارض القطعي.
وثانيا : لو سلّمنا ثبوت هذا الذي حكاه عن الحاكم ، فإنّه لا يجوز الاحتجاج به ، لتصريح الحافظ برجوع الحاكم عن ذلك كما ستعلم.
وثالثا : لو سلّمنا ثبوته وفرضنا عدم رجوعه كان الاستدلال والإحتجاج بتصحيحه إيّاه في المستدرك من باب الإلزام والافحام للمخالفين تاما ، على القواعد والأصول المقرّرة في باب الإحتجاج والمناظرة.
ورابعا : ولو فرضنا أنّه كان قد قدح فيه ولم يخرجه في المستدرك ، فإنّ الأدلة القويمة والبراهين المتينة على صحة حديث الطير وثبوته كثيرة ، بل يكفي لبطلان القول بوضعه ما قاله العلائي والسبكي وابن حجر المكّي.
هذا ، وقد نصّ الحافظ الذهبي في ( تذكرة الحفّاظ ) ـ بعد أن حكى ذلك القول المنسوب إلى الحاكم ـ على رجوعه عنه ، وقد أورد الشيخ محمّد الأمير الصنعاني كلام الذّهبي وعلّق عليه حيث قال في ( الروضة الندية ) :
« هذا الخبر رواه جماعة عن أنس ، منهم : سعيد بن المسيب ، وعبد الملك بن عمير ، وسليمان بن الحجاج الطائفي ، وابن أبي الرجال الكوفي ، وأبو الهندي ، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، ويغنم بن سالم بن قنبر ،