إنّه لو كان المقصود حضور أحبّ الخلق في الأكل مع النبيّ حتى يتضاعف لذّة الطعام ، لكان مقتضى استجابة هذا الدعاء حضور إحدى زوجات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لوضوح حصول الغرض من الدعاء ـ وهو الالتذاذ المتضاعف من الطعام ـ بمؤاكلة الزوجة المحبوبة ، وأنّه لا يسدّ مسدّها في هذه الناحية أحد من الأولاد فضلا عن غيرهم.
لكنّ عدم حضور أحد من نسائه ـ لا سيّما تلك التي يزعمون أنّها أحبّ نسائه بل النساء عامّة إليه ـ وكذا عدم حضور فاطمة عليهاالسلام وهي ابنته لو كان الغرض يحصل بمؤاكلة الأولاد ، دليل على أنّ غرضه من الدّعاء شيء آخر ، وأنّ المقصود من « الأحبّ » ليس « الأحبّ في الأكل » ...
لقد استجاب الله عزّ وجلّ دعاء نبيّه وحبيبه صلىاللهعليهوآلهوسلم فأحضر عنده أحبّ الخلق إليه وأفضل الناس عنده.
ولو كان المراد مجرّد الأحبيّة في الأكل فلما ذا كلّ هذا الاهتمام من أنس ابن مالك لأنّ يختص بذلك قومه من الأنصار؟ ولما ذا منع عليا عليهالسلام مرة بعد أخرى من الدخول على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
إنّ كلّ عاقل يلحظ أخبار قصّة الطير وما كان فيها من أنس من كذب واحتيال وتعلّل ، يحصل له اليقين الثابت بأنّ الدخول على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك الساعة والأكل معه من ذاك الطائر ، مرتبة عظيمة ومنزلة رفيعة.
وأيضا : من الظّاهر جدّا ـ بناء على حمل الأحبيّة على الأحبيّة في خصوص الأكل ـ أنّ الشخص الأحبّ إليه في الأكل ليس إلاّ من كان أكثر