وكأنّ ( الدهلوي ) قد أقسم على تقليد الكابلي وإن خالف ما قالته الأحاديث الصحيحة الواردة في كتب قومه ... لقد احتمل في هذا المقام رجما بالغيب غياب أبي بكر عن المدينة المنوّرة من دون أن ينظر في أحاديث وأخبار القصّة ... لقد سمعت ـ فيما تقدم ـ رواية أبي يعلى المشتملة على مجيء الشيخين ، وهذا نصّها مرة أخرى :
« حدّثنا الحسن بن حماد الوراق ، ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع ـ ثقة ـ ، ثنا عيسى بن عمر ، عن إسماعيل السدّي ، عن أنس بن مالك : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير. فجاء أبو بكر فردّه ، ثمّ جاء عمر فردّه ، ثمّ جاء عثمان فردّه ، ثمّ جاء علي فأذن له » (١).
ورواه النّسائي بقوله : « أخبرني زكريا بن يحيى قال : ثنا الحسن بن حماد قال : ثنا مسهر بن عبد الملك ، ثنا عيسى بن عمر ، عن السدّي ، عن أنس بن مالك : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطّائر. فجاء أبو بكر فردّه ثمّ جاء عمر فردّه ثمّ جاء علي فأذن له » (٢).
فإذا لم يكن هذا الحديث ـ وبهذا اللفظ ـ دليلا على أفضليّة أمير المؤمنين عليهالسلام ، فما هو مدلوله يا منصفون؟ فلقد كان أمير المؤمنين عليهالسلام هو المصداق الوحيد لـ « أحبّ الخلق » وأنّه الذي أذن له النبيّ بالدخول والأكل معه ، وأمّا غيره فقد ردّ ... فأيّ قصور في دلالة هذا الحديث
__________________
(١) مسند أبي يعلى ٧ / ١٠٥ رقم : ١٢٩٧ باختلاف يسير.
(٢) خصائص علي ٢٩ / ١٠.