أهلا. قلت : أما المرحب فمن الله. وأما الأهل فلا أهل لي ولا مال ، فبما ذا استحللت ـ يا عمر ـ إشخاصي من مصري بلا ذنب أذنبته ولا شيء أتيته؟
فقال : ما الذي شجر بينك وبين عاملي؟ قال قلت : الآن أخبرك به ، إنّه كان إذا خطبنا ...
قال : فاندفع عمر ـ رضياللهعنه ـ باكيا وهو يقول : أنت ـ والله ـ أوفق منه وأرشد ، فهل أنت غافر لي ذنبي ، يغفر الله لك؟
قال : قلت : غفر الله لك يا أمير المؤمنين.
قال : ثمّ اندفع باكيا وهو يقول : والله لليلة أبي بكر ويوم خير من عمر وآل عمر ، فهل لك أن احدّثك بليلته ويومه؟
قلت : نعم.
قال : أمّا اللّيلة ، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا أراد الخروج من مكّة هاربا من المشركين ، خرج ليلا ، فتبعه أبو بكر ... فهذه ليلته. وأمّا يومه ، فلمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ارتدّت العرب ...
ثمّ كتب إلى أبي موسى يلومه » (١).
فإنّ هذا الخبر يفيد أنّه ـ بالإضافة إلى عدم جواز إطلاق صيغة أفعل التفضيل على المفضول ، وإلى بطلان حمل أفعل التفضيل على الأفضليّة غير المعتنى بها ـ لا يجوز الفعل أو الترك المشعر بتفضيل المفضول على الفاضل ، وأنّه لا يجوز تأويل ذلك بإرادة التفضيل من بعض الوجوه ، وإلاّ لما توجّه غيظ ضبّة ولا لوم عمر على أبي موسى الأشعري ، بل كان على عمر أن يذكر الوجوه الجزئيّة التي يكون بها أفضل من أبي بكر ، فيحمل ما كان يصنعه أبو موسى على ذلك.
* وروى المتقي : « عن ضبّة بن محصن العنزي قال قلت لعمر بن
__________________
(١) إحياء العلوم ٢ / ٢٤٤.