فلما ذا تجشّم مؤنة إيجاد احتمال غيبة أبي بكر عن المدينة المنوّرة؟ هلاّ اكتفى باحتمال بعد أبي بكر عن مجلس الأكل بمسافة لا يكون حضوره متصوّرا في لمحة واحدة من دون خرق العادة؟
قوله :
والأنبياء لا يطلبون خرق العادة من الله تعالى إلاّ عند التحدّي مع الكفّار.
أقول :
إنّ ( الدّهلوي ) يدّعي هذا المطلب لكونه في مقام التحدّي مع الإماميّة ، وإلاّ فكيف ينسى الكرامات العجيبة الغريبة التي يدّعونها لأئمتهم في التصوّف ولا شيء منها في مقام التحدّي مطلقا؟ فإذا جاز هذا المشايخ الصّوفيّة فما المانع عنه بالنّسبة للأنبياء؟!
بل لقد أجاز ابن تيمية صدور خوارق العادة من آحاد النّاس ، في جوابه عن كرامة لأمير المؤمنين عليهالسلام أوردها العلاّمة الحلّي رحمهالله ، قال ابن تيمية :
« روى جماعة أهل السير بأنّ عليّا كان يخطب على منبر الكوفة ، فظهر ثعبان فرقى المنبر ، وخاف الناس وأرادوا قتله فمنعهم ، فخاطبه ثمّ نزل ، فسأل الناس عنه فقال : إنّه حاكم الجن ، التبست عليه قضيّة فأوضحتها له. وكان أهل الكوفة يسمّون الباب الذي دخل فيه باب الثعبان. فأراد بنو أمية إطفاء هذه الفضيلة ، فنصبوا على ذلك الباب قتلى مدة طويلة حتى سمّي باب القتلى.
والجواب : إنّه لا ريب أنّ من دون علي بكثير يحتاج الجن إليه وتستفتيه وتسأله ، وهذا معلوم قديما وحديثا. فإن كان هذا قد وقع فقدره أجلّ من ذلك ، وهذا من أدنى فضائل من هو دون علي. وإن لم يكن وقع لم ينقص فضله بذلك ، وإنّما من باشر أهل الخير والذين لهم أعظم من هذه الخوارق ، أو رأى