أعظم من نضوب الماء ، ومثل : استسقائه وتغيّيب قبره ، ومثل : النفر الذين كلّمهم البقر وكانوا جيش سعد بن أبي وقاص في وقعة القادسية ، ومثل : نداء عمر : يا سارية الجبل ـ وهو بالمدينة وسارية بنهاوند ـ ومثل : شرب خالد بن الوليد السمّ ، ومثل : إلقاء أبي مسلم الخولاني في النار فصارت عليه بردا وسلاما لمّا ألقاه فيها الأسود العنسي المتنبّي الكذّاب ، وكان قد استولى على اليمن ، فلمّا امتنع أبو مسلم من الإيمان به ألقاه في النار ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، فخرج منها يمسح جبينه ، وغير ذلك ممّا يطول وصفه » (١).
قوله :
وإلاّ لم يقوموا بحرب وقتال وتجهيز للأسباب الظاهرية ، وتوصلّوا إلى مقاصدهم بخرق العادة.
أقول :
كأنّ ( الدهلوي ) لم يفهم أنّ الإيجاب الجزئي لا ينافي السّلب الكلّي ، فأخذ الأنبياء عليهمالسلام في بعض الأحيان بالأسباب الظاهرية لا يستلزم أن يكونوا دائما كذلك ، وأنّه إذا لم يطلبوا من الله سبحانه إجراء المعجزة على أيديهم وخرق العادات ، فإنّه لا يستلزم عدم جواز طلبهم ذلك منه بالكليّة ...
إنّ الحرب والقتال والتوسّل بالأسباب الظّاهرية ، كلّ ذلك لا يدلّ بإحدى الدلالات الثلاث على عدم جواز طلبهم من الله بغير تحدّ خرق العادة ...
إنّ الأنبياء يتبعون في أفعالهم وتروكهم المصالح التي شاءها الله سبحانه لهم ، يمتثلون ما يأمرهم به ، وبأمره يعملون ... وإن كانوا لو أرادوا شيئا من الله
__________________
(١) منهاج السنة ٤ / ١٩٦.