وعلى كل حال فقد ظهر لك أن الاستدلال بهذه النصوص على الوجوب في غير محله ، فلم يبق إلا الأوامر به (١) أو بقضائه ونحوه مما هو مستلزم للوجوب التي يجب الخروج عنها بأقل من ذلك ، وإلا موثق عمار (٢) عن الصادق عليهالسلام « إن نسي الرجل القنوت في شيء من الصلاة حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شيء وليس له أن يدعه متعمدا » ولا ريب في عدم مقاومته لما عرفت من وجوه ، فيجب حمله على شدة الكراهة أو على الترك رغبة عنه أو غير ذلك.
وأما الآية (٣) ـ فمع إرادة غير المعنى الشرعي من القنوت فيها ، لعدم ثبوته له ، أو للأخبار الواردة في تفسيرها كالمروي (٤) عن تفسير العياشي أي مطيعين راغبين ، فيكون لفظ الجلالة متعلقا به ، وفي آخر (٥) مقبلين على الصلاة محافظين لأوقاتها ، قيل : ونحوه روى علي بن إبراهيم (٦) نعم عن مجمع البيان (٧) عن الصادق عليهالسلام في تفسيرها أي داعين في الصلاة حال القيام ، وهو وإن ناسب المعنى الشرعي إلا أنه غير صريح فيه ولا ظاهر ، فان الدعاء فيها حال القيام لا يستلزمه ، لأعميته منه مع تضمن الحمد الدعاء ، على أنه لا بد من إرادة الأعم من الدعاء من لفظ الدعاء في الخبر المزبور ، ضرورة عدم انحصار القنوت فيه ، لأن أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج ، وليس فيها شيء من الدعاء ، وحينئذ شموله للقراءة ونحوها غير ممنوع ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب القنوت ـ الحديث ٧ و ٩ والباب ١٦ منها.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب القنوت ـ الحديث ٣.
(٣) سورة البقرة ـ الآية ٢٣٩.
(٤) تفسير الصافي سورة البقرة ـ الآية ٢٣٩.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ـ الحديث ٥.
(٦) تفسير على بن إبراهيم ص ٦٩.
(٧) مجمع البيان ج ١ ص ٣٤٣ طبع صيدا.