إلا أن الجميع كما ترى بعد ما عرفت من ظهور النص (١) والفتوى في أن الطلاق مملك لا أنه فاسخ يعود به السبب الأول للملك ، بل ظاهر المحكي عن الشيخ الإجماع عليه ، وحينئذ لا فرق بين دفع الأب وعدم دفعه ، بل ولا بينه وبين الضمان تبرعا ، ولا بين كونه عينا أو دينا ، ضرورة عدم الفرق في تسبيبه الملك لنصف العين أو الدين ، فيطالب به الأب.
ولعله لذا اعترف في المسالك بعدم ظهور الفرق بين الدفع وعدمه في الصبي المعسر برجوع الولد بالنصف ، لكن قال : إن ذلك يتم لو كان الأب متبرعا بالدفع عن الصغير ، وفيه أنه لا فرق أيضا مع دفعه أو ضمانه كذلك ، نعم لو لم يكن قد دفع ولا ضمن لم يكن له الرجوع بشيء على الوالد ، لأن ذمته المشغولة لا والده ، والفرض عدم دفع عنه.
ومن الغريب ما سمعته من كشف اللثام من قياس ذلك على الضمان الذي لا يتم التشبيه فيه إلا بالضمان عنه باذنه فاتفق أن المضمون له قد أبرأ ذمة الضامن فإنه تبرأ ذمة المضمون عنه أيضا ، لكونه دينا واحدا ، وهو غير ما نحن فيه ، نعم لو قلنا في الصبي المعسر إن ذمته المشغولة والأب ملتزم بالتأدية عنه اتجه حينئذ ما ذكره ولكنه خلاف ظاهر النصوص (٢) بل صريحها وصريح الفتاوى ، بل ما في النصوص من التعبير بالضمان يراد منه الالتزام نحو قوله عليهالسلام (٣) : « من أتلف مال غيره فهو له ضامن » لا الضمان المصطلح ، على أنه على تقديره فهو حينئذ ضمان شرعي قهري لا ينافي تملك نصفه للولد بالطلاق.
ودعوى أن المراد بالاية ( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (٤) عود النصف للفارض ، وهو
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء والباب ـ ١٧ ـ من أبواب المهور والباب ـ ٢٤ و ٣١ و ٣٤ و ٣٥ ـ منها.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب المهور.
(٣) راجع التعليقة في ص ٩١.
(٤) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٣٧.