في الأمرين على سبيل منع الخلو ، لأنه إن كان لم يسم مهرا فقد استقر عليه مهر المثل ، وإن كان قد سمى استقر المسمى ، والأصل عدم دفعه إليها ، واللازم من ذلك أن لا يلتفت إلى إنكاره ، بل إما أن يحكم عليه بمهر المثل ، أو ما تدعيه المرأة إن كان أقل ، نظرا إلى أصالة عدم التسمية الموجب لذلك ، وإما أن يطالب بجواب آخر غير أصل الإنكار ، فإن ادعى تسميته حكم عليه بالمسمى إلى أن يثبت براءة ذمته منها أو عدمها فيثبت عليه مقتضى التفويض » وهو صريح في أن القول قولها حينئذ مع العلم بانتفاء الاحتمالين.
بل قد يقال بذلك مع عدم العلم أيضا ، بدعوى أن الأصل ثبوت الاستحقاق بالدخول حتى يعلم عدمه ، لاستفاضة النصوص (١) بكون الدخول موجبا للمهر والغسل والعدة ، وهو قاعدة شرعية قاطعة لأصالة البراءة ، مضافا إلى أولوية البضع من المال بأصالة الاحترام والضمان ، ولعله إلى ذلك أومأ في كشف اللثام حيث إنه بعد أن ذكر ما عرفت عن المشهور قال : « ويشكل بأن الأصل مع الدخول شغل ذمة الزوج خصوصا إذا علم انتفاء الأمرين » بل هو ظاهر المسالك في أثناء كلام له ، بل لعله إليه يرجع ما عن الإرشاد في مفروض المسألة من وجوب مهر المثل بتقريب الأصل السابق وأصالة عدم التسمية ، فيثبت التفويض الموجب لمهر المثل ، وليس ذلك من الأصول المثبتة ، لأن التفويض قيده عدم ( عدمي خ ل ) يمكن إثباته بالأصل ، فيترتب حكم التفويض ، ولا حاجة إلى ما في المسالك من أنه لا بد من تقييده بعدم زيادته على ما تدعيه ، لأن الزائد عنه منفي بإقرار المدعي ، فلا يجب دفعه إليه ، وذلك لأن مفروض المسألة الاقتصار في اختلافهما على أصل استحقاق المهر وعدمه ، وما ذكره من التقييد خروج عن مفروض المسألة المتجه فيه الضمان بمهر المثل الذي هو قيمة له كالمال ، فلا وجه حينئذ للقول بأن ثبوت استحقاق المهر إنما يقتضي ثبوت أقل ما يتمول الصالح لأن يكون مهرا يتحقق به أصالة ثبوته بالدخول ، ضرورة أنك قد عرفت اقتضاء أصالة احترام البضع وضمانه على حسب
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المهور.