بذلك وعدمه ، لما سمعته من الاشتراك بينهما المقتضي لعدم سقوط أحدهما بإسقاط الأخر ، ومنه يعلم صورة العكس ، وهي لو أسقط هو حقه من ذلك كانت الزوجة بالخيار ، للاشتراك المزبور ، ولعل اقتصار المصنف باعتبار كون الغالب وقوع ذلك ، والظاهر أن المراد بالإسقاط هنا الاذن منها ، لا أنه كإسقاط الحقوق التي تسقط بالإسقاط على وجه لم يكن لصاحب الحق العود اليه ، ولا أنه من قبيل ما في الذمة. وذلك لأنه استمتاع في زمان مستمر ، فما دامت مستمرة هي على الاذن في ذلك كان ساقطا ، فإذا رجعت عن الاذن كان الحق لها ، بل لو خرجت عن قابلية الاذن بإغماء أو جنون لم يستمر السقوط.
ولها أن تهب ليلتها للزوج أو بعضهن مع رضاه لتسلطها على حقها كالمال ، إلا أنه لما كان مشتركا بينها وبين الزوج اعتبر رضاه ، وللمرسل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « إن سودة بنت زمعة لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة فكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقسم لها يوم سودة ويومها » نعم الظاهر أن إطلاق الهبة على ذلك توسع ، باعتبار أنه ليس من موردها الذي هو الأعيان ، نعم الظاهر اعتبار القبول من الموهوبة ، فان لم تقبل لم ينتقل الحق إليها.
ومن هنا يمكن أن يقال : بجريان جميع أحكام الهبة على ذلك ، فيكون الخارج بما هنا من النص والفتوى تعلق الهبة بغير العين ، لكن الإنصاف أن ذلك ليس بأولى من القول بعدم جريان شيء من أحكام الهبة عليها وعدم اندراجها في إطلاق دليلها وإن شاركتها في بعض الأحكام ، فلا يجرى عليها حكم هبة الرحم ونحو ذلك من أحكام الهبة ، وإطلاق لفظ الهبة في المرسل والعبارات كله من باب التوسع ، وإلا فالمراد الاذن منها في إسقاط حقها على وجه مخصوص ، وهو وضعه عند واحدة منهن ، وأما هبتها للزوج فليس معناه إلا الإسقاط.
ومن هنا قال المصنف فان وهبت للزوج وضعها حيث شاء منهن
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٩٦.