من غير فرق بين الضرب وغيره ، إلا أنها مترتبة على حسب ترتب النهي عن المنكر فجوازها حينئذ مع النشوز مستفاد من الأولوية ، وفيه أنه وإن وافق ظاهر الآية بالنسبة إلى ثبوت الثلاثة على خوف النشوز ، لكنه مناف لظاهرها بالنسبة إلى التخيير بين الثلاثة والجمع ، لأن الواو لمطلق الجمع ، اللهم إلا أن يستفاد من ترتب أفراد النهي عن المنكر ، لكن الكلام في أن ذلك منها؟ ضرورة عدم النشوز بها وعدم ثبوت حرمتها بدونه ، على أنه مناف أيضا لما سمعته من الإجماع المحكي المعتضد بما عرفت من عدم جواز الضرب إلا على النشوز.
ومن هنا عكس ابن الجنيد فيما حكي عنه بجعل الأمور الثلاثة مترتبة على النشوز بالفعل ، ولم يذكر الحكم عند ظهور أماراته ، وجوز الجمع بين الثلاثة ابتداء من غير تفصيل ، فقال : « وللرجل إن كان النشوز من المرأة أن يعظها ويهجرها في مضجعها ، وله أن يضربها غير مبرح » ويظهر منه جواز الجمع بين الثلاثة والاجتزاء بأحدها أو باثنين منها ، ولعله لأن ذلك حقه ، فله فيه الخيار ولأن الواو لمطلق الجمع المقتضي جوازه والتخيير ، والمراد من الخوف في الآية العلم ، لقوله تعالى (١) : ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً ) فأول الخوف واستغنى عن الإضمار الذي تكلفه غيره.
لكنه فيه أنه مناف لقاعدة ترتب أفراد النهي عن المنكر ، بل يمكن دعوى أن يكون المراد من الآية ذلك ، ولعله لذا جعل العلامة في الإرشاد الثلاثة مترتبة على النشوز بالفعل ، كما سمعته من ابن الجنيد ، لكن جعلها مترتبة مراتب الإنكار.
ولعل ذلك أولى من جميع ما تقدم ، ومما عن بعض العلماء من التفصيل أيضا من جعل الأمور الثلاثة مترتبة على مراتب ثلاثة من حالها ، فمع ظهور أمارات النشوز يقتصر على الوعظ ، ومع تحققه قبل الإصرار ينتقل إلى الهجر ، فان لم ينجع وأصرت انتقل إلى
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٨٢.