عليه في الأولى أيضا ، وهي فيما لو ضارها حتى بذلت ولم يكن من قصده ذلك ، لكونه أشبه شيء بعوض المحرم ، بل يمكن اندراجه في الآية أيضا.
ولا ينافيه قوله تعالى (١) ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ) وذلك لما عرفت مما ورد في تفسير هذه الآية من النصوص (٢) التي فيها الصحيح وغيره أن المراد بها الامرأة التي تخشى الطلاق أو التزويج عليها أو كان الرجل يكرهها أو لا تعجبه أو نحو ذلك مما يؤدى إلى فراقها فأسقطت بعض حقوقها لإرادة إمساكها وعدم طلاقها ، وهذا غير المفروض الذي هو ترك حقوقها الواجبة عليه فبذلت له مالا للخلاص من يده ومن أسره ، إذ هي كالمظلوم في يد الظالم ، فيبذل له للتخلص من ظلمه ، فان ذلك لا ريب في حرمته على الظالم وإن لم يكن قد قصد بالظلم ذلك المبذول ، ولعله إلى ذلك أومأ العلامة في تقييد الحقوق بالمستحبة في القواعد.
كما أنه مما ذكرنا يظهر لك أيضا ما في كشف اللثام وغيره حتى من الرياض ، فإنه ـ بعد أن اعترف بعدم دلالة الآية والنصوص المفسرة لها على عموم الحكم من جواز الصلح ببذل حقها كما لو أخل الزوج ببعض حقوقها الواجبة أو كلها لظهور سياقها في غيره ـ قال : « نعم جاز له القبول هنا لو بذلته بطيب نفسها لا مطلقا ، للأصل وفقد الصارف عنه ، وهذا هو ظاهر العبارة والأكثر ، وربما منع منه من جوزه هنا لما قدمناه من اختصاص الآية والنص بالأول ، ولقبح تركها الحق من دون عوض بناء على لزومه عليه من دونه ، وفيهما نظر إذ اختصاص الكتاب والسنة بما ذكر لا يوجب المنع عن جريان الحكم الذي فيه في غيره بعد قضاء الأصل به ، والقبح ممنوع حيث يرجى حصول الحقوق الواجبة التي أخل بها بالبذل فتكون هي العوض الحاصل بالبذل ، ولزومه عليه غير ملازم ، للزوم صدورها عنه حتى ينتفي
__________________
(١) سورة النساء : ٤ الآية ١٢٨.
(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب القسم والنشوز.