والحال هذه لما عرفت من عدم اللحوق مع التجاوز عن أكثر الحمل ، نعم ذلك كذلك مع العلم ، أما مع الشك فالظاهر اللحوق ، للأصل السابق على نحو ما سمعته سابقا ، وحينئذ فلا خلاف ولا إشكال في شيء من الأحكام المزبورة إلا في ثبوت ذلك بل والسابقين بالاتفاق على عدم حصول الشرط ، ضرورة تعلق الحكم بغيرهما وهو الولد ، فلا يجدى اتفاقهما على نفيه عنه.
وربما وجه بأن الحق منحصر فيهما ، والفعل لا يعلم إلا منهما ، وإقامة البينة على ذلك متعذرة أو متعسرة ، فلو لم يكتف باتفاقهما عليه وألحقنا به الولد حتما نظرا إلى الفراش لزم الحرج والإضرار به ، حيث يعلم انتفاؤه عنه في الواقع ولا يمكنه نفيه ظاهرا ، ولأن الشارع أوجب نفيه عنه مع العلم بانتفائه ، وجعل له وسيلة مع إنكار المرأة اللعان ، فلا بد في الحكم من نصب وسيلة إلى نفيه مع تصادقهما ليثبت الحكم اللازم له شرعا ، ولا يمكن ذلك باللعان المشروط بتكاذبهما ، فلم يبق لانتفائه إلا الاتفاق المزبور ، وهو كما ترى.
بل عن الشهيد إشكاله بأنهما لو اتفقا على الزنا لم ينتف الولد ، ولحق بالفراش وكذا هنا ، وإن كان فيه أن مجرد الزنا غير كاف في انتفاء الولد عن الفراش إذا كان قد وطأ وطءا يمكن إلحاقه به ، لما ثبت شرعا من أن « الولد للفراش وللعاهر الحجر » (١) وهذا بخلاف ما لو اتفقا على عدم الوطء في المدة المذكورة ، لأن الولد لا يمكن لحوقه بالزوج من دون الوطء في مدة الحمل ، ومن ثم اتفقوا على أنه لو ثبت عدم الوطء في المدة بالبينة حيث يمكن إثباتها كما لو اتفقت الغيبة انتفى عنه بغير إشكال بخلاف ما إذا ثبت زناها بالبينة ، فإنه لا يوجب نفيه عن الزوج ولا عن المرأة مع وجود الفراش الذي يمكن إلحاقه به ، فافترق الأمران ، اللهم إلا أن يريد الشهيد بالاتفاق على الزنا الاتفاق على كون الولد منه لا من وطء الفراش.
وعلى كل حال فالإشكال بما ذكرناه ـ من منع انحصار الحق في الزوجين
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب نكاح العبيد والإماء.