المستأجر الغير فلا ريب في تقييده بما إذا لم يناف حق الزوج ، كما هو واضح.
ومن هنا كان الوجه الجواز وفاقا للمشهور شهرة عظيمة ، بل لم نعرف فيه خلافا بيننا إلا ما سمعته من الشيخ للعمومات والإطلاقات.
كما لا خلاف ولا إشكال في أنه يجب على الأب بذل أجرة الرضاع مع يسره إذا لم يكن للولد مال لأنها من النفقة الواجبة عليه إجماعا ، بل هو مقتضي قوله تعالى (١) ( فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) بل وقوله تعالى (٢) ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) الذي هو كناية عن أجرة الرضاع ، بل في التعبير بالمولود له تنبيه حسن على كون الولد حقيقة له ، ولذا نسب إليه دون أمه ، ووجبت نفقته عليه ، أما إذا كان له مال فلا تجب نفقته عليه ، لأنه غني حينئذ.
ولأمه أن ترضعه بنفسها وبغيرها وعلى كل حال لها الأجرة لصحيح ابن سنان (٣) عن أبي عبد الله عليهالسلام « في رجل مات وترك امرأته ومعها منه ولد فألقته على خادمة لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي؟ فقال : لها أجر مثلها وليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتى يدرك ويدفع إليه ماله » وحينئذ يكون ذلك حكما شرعيا ، وهو استحقاق الأم أجرة الرضاع وإن لم تقع معاملة بينها وبين الأب ، سواء أرضعته بنفسها أو عند غيرها.
لكن في المسالك حمل العبارة على معنى آخر قال : « إذا استأجرها للرضاعة فإن صرح بإرادة تحصيل رضاعه بنفسها وغيرها فلا شبهة في جواز الأمرين واستحقاقها الأجرة المسماة ، وإن شرط إرضاعه بنفسها تعين ، ولا يجوز لها إرضاعه من غيرها ، فان فعلت فلا أجرة لها ، وإن أطلق بأن استأجرها لارضاعه فهي مسألة الكتاب ، والمشهور جواز إرضاعها بنفسها وبغيرها ، لأنها حينئذ أمر مطلق ، ومن شأنه جواز تحصيل المنفعة بنفسه وغيره ، وقيل : لا يجوز لاختلاف المراضع في الحكم والخواص ، ودلالة العرف على مباشرتها حتى قيل : إنه يجب
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ الآية ٦.
(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٣٣.
(٣) الوسائل الباب ـ ٧١ ـ من أبواب أحكام الأولاد الحديث ١.