عقد المعاوضة غير من له المعوض ، وقد سمعت ما في خبر السكوني (١) من أنها « هي أحق بمهرها » والشرط في العقد إنما يلزم إذا كان لمن له العقد ، وفرض ذلك على وجه يرجع إلى الزوجة ـ حتى أنه ربما كان السبب في رضاها بذلك المهر ـ يخرجه عن مفروض المسألة الذي هو جعل ذلك لأبيها على نحو جعل المهر لها.
ولا ريب في بطلانه بما عرفت ، من غير فرق بين المجعول لأبيها تبرعا محضا أو لأجل وساطة وعمل محلل ، ولا بين كون المجعول مؤثرا في تقليل مهر الزوجة بسبب جعله في العقد وقصدها إلزامه به وعدمه ، كما هو مقتضى الصحيح المزبور على ما اعترف به في المسالك وغيرها ، بل فيها أيضا « ولم يخالف في ذلك أحد من الأصحاب إلا ابن الجنيد ـ قال ـ : ولا يلزم الزوج غير المهر من جعالة لولي أو واسطة ، ولو وفي الزوج بذلك تطوعا كان أحوط ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « أحق الشروط ما نكحت به الفروج » فان طلقها قبل الدخول عليها لم يكن لها إلا نصف الصداق ، دون غيره ، فان كان قد دفع ذلك يرجع عليها بنصف الصداق ، وكل الجعالة على الواسطة ـ نعم في آخر كلامه قال ـ : قد يشكل الحكم في بعض فروض المسألة كما لو شرطت لأبيها شيئا وكان الشرط باعثا على تقليل المهر ، وظنت لزوم الشرط ، فان الشرط حينئذ يكون كالجزء من العوض الذي هنا هو المهر ، فإذا لم يتم لها الشرط يشكل تعيين ما سمته من المهر خاصة ، كما سبق في نظائره من المعاوضات ، وذلك لا ينافي الرواية ، لأن ما عينته من المهر ثابت على التقديرين ، وانما الكلام في شيء آخر ، ولو لا الرواية الصحيحة لكان القول بفساد المهر ووجوب مهر المثل قويا ، لاشتمال المهر على شرط فاسد ، فيفسده كما يفسد العقد لو كان العوض من لوازمه » وتبعه غيره في هذا الاشكال.
قلت : بل لا صراحة في كلام أبي على في الخلاف بعد ظهور إرادة الندب من
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب المهور الحديث ٢.
(٢) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٤٨ وفيه « أحق الشروط ان يوفى بها ما استحللتم به الفروج ».