صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « إنه تزوج ثم دخل بعد سنين ولم ينفق ».
كل ذلك مضافا إلى ما قيل أيضا من أن العقد يوجب المهر عوضا ، فلا يوجب عوضا آخر ، وأن النفقة مجهولة ، والعقد لا يوجب مالا مجهولا.
وما روى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) من قوله : « واتقوا الله في النساء ، فإنهن عواري عندكم اتخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف » فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أوجب لهن من الرزق والكسوة إذا كن عندهم.
لكن الجميع كما ترى ، ضرورة عدم عد ذلك من الإجماع المحكي الذي قام الدليل على حجيته ، كضرورة عدم ظهور الأمر بالمعاشرة بالمعروف في اشتراط التمكين ، وعدم الإنفاق إلا بعده بعد تسليمها أجنبية عن الدلالة على الاشتراط ، بل دعوى اتخاذ ذلك إجماعا أو ضرورة من غرائب الكلام ، وما كنا نرجو وقوع هذا الكلام من مثله ، كعدم الإنفاق الصادر من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع عدم علمنا بكيفية عدم صدوره منه ، وليست النفقة من الأعواض الواجبة بالعقد ، بل ولا من المال المجهول ، وإنما العقد أفاد كونها زوجة له ، والشارع أثبت النفقة للزوجة ، نحو شراء الدابة والعبد المملوك ، والخبر المزبور لا دلالة فيه على اشتراط النفقة بكونهن عندكم ، بل قد يقال : إن إطلاقه دليل على العدم.
ومن هنا قد اعترف في كشف اللثام بضعف هذه الأدلة غير الأصل ، قال : « وهو يكفينا ، فإن أدلة الوجوب مجملة ، فنقتصر على مدلولها على موضع اليقين » وتبعه على دعوى الإجمال في الرياض ، لكن في المسالك بعد أن أفسد جميع ما ذكر دليلا له قال : « وأما أصالة البراءة فإنما تكون حجة مع عدم دليل ناقل عنه ، لكنه موجود بالعمومات الدالة على وجوب نفقة الأزواج ، والأصل عدم التخصيص » ومراده على الظاهر إطلاق الكتاب والسنة الذي قد سمعته ، وهو حجة كالعموم ، ودعوى
__________________
(١) سنن النسائي ـ ج ٦ ص ١٣١.
(٢) سنن البيهقي ـ ج ٧ ص ٣٠٤.