بناء على بقاء حق الخدمة له لا يستلزم أن يكون التمكين التام بالنسبة إليها هو التمكين ليلا ليلزم به النفقة ، فإن الإجماع منعقد على أنه لا نفقة لها بانتفاء التمكين التام مع تفسيره بالتمكين كل حين في كل مكان.
وقد يقال إنما انعقد الإجماع على سقوط النفقة بالنشوز ، ولا نشوز هنا ، لوجوب طاعة المولى ، كما لا نشوز بالامتناع للحيض ونحوه ، ويدفعه أن الأصل البراءة إلا فيما أجمع فيه على الوجوب ، ولا إجماع هنا ، بخلاف الحائض ونحوها. قلت : قد عرفت فيما تقدم أنه لا دليل على شرطية التمكين على وجه يقتضي أن انتفاءه مطلقا يترتب عليه انتفاء الإنفاق ، ولذا أوجبوه للمريضة والمسافرة في المضيق والصائمة والحائض وغيرهن من ذوات الأعذار ، والمسلم من الإجماع ما ذكره أخيرا من أن انتفاءه على وجه النشوز يقتضي انتفاء الإنفاق ، فالمتجه حينئذ الإنفاق هنا ، ضرورة كونها حينئذ كباقي ذوات العذر في عدم التمكين ، بل ربما كانت أولى منهن باعتبار إقدامه في تزويجه بها على ذلك ، وما ذكره من أن الأصل البراءة فيه ما لا يخفى من وضوح عدم كون المدرك الإجماع على خصوصيات ذوات الأعذار ، وإنما هو ما عرفت مع إطلاق أدلة الإنفاق ، وهو بعينه جار في المقام ، ودعوى إجمال الإطلاقات فلا تعارض أصل البراءة واضحة الفساد ، بل لا يليق وقوعها ممن له أدنى نصيب في الفقه.
وكأن الذي أوقعهم في الشبهة في هذا المقام وغيره من المقامات معلومية مدخلية التمكين في الجملة في الإنفاق ، فظنوا أنه صار بذلك شرطا على وجه يقتضي انتفاء مشروطه بانتفائه كيف ما كان على ما هو القاعدة في الشروط ، وغفلوا عن أن ذلك يتوقف على ملاحظة دليل الشرطية ، فإن كان هو بحث يقتضي ذلك جرى عليه أحكامها وإلا فلا ، وليس في المقام دليل شرطية على الوجه المزبور وإلا لما صح لهم في إيجاب النفقة في ذوات الأعذار شرعا أو عقلا ودعوى أن ذلك للإجماع وغيره من الأدلة الخاصة معلومة البطلان لمن له أدنى فهم ودرية وملاحظة لكلمات الأصحاب ، خصوصا ما وقع لهم من الاستدلال على الإنفاق على ذوات الأعذار